بسم الله الرحمن الرحيم بمناسبة الذكرى الثانية والخمسين لقرار تأميم نفط العراق الخالد النفط سلاح في المعركة بعد مرور اثنين وخمسين عاماً على تأميم النفط العراقي مطلع سبعينيات من القرن الماضي وإنهاء سيطرة الشركات الاحتكارية الأجنبية على هذه الثروة المهمة مع تأميم كامل لجميع الأصول والإنتاج النفطي من الاستخراج إلى التصدير بأيدٍ عراقية، وجاء هذا القرار الخالد من قيادة البعث العظيم النابع من موقفه المبدئي والاستراتيجي لعقيدة البعث في تحرير الثروات الطبيعية من القوى الامبريالية العالمية المتصهينة. كان التأميم الخالد في الواحد من حزيران عام 1972 بداية لنهاية سيطرة الشركات الأجنبية، حيث نقلت قيادة الحزب والثورة كافة الأموال والحقوق والموجودات التي آلت إلى الدولة عن ذلك لشركة حكومية جديدة باسم (الشركة العراقية للعمليات النفطية) لتُدار من قبل موظفي وعمال شركة نفط العراق المؤممة إلا أن القيادة العراقية الوطنية أجلت تأميم حصة الشركات الفرنسية وكولبنكيان للعلاقة الممتازة مع فرنسا في تلك المرحلة وأسباب سياسية أخرى لأن السياسة كما يقال (فن الممكنات) لغرض ضمان نجاح قرار التأميم. وبعد حرب تشرين عام 1973 الذي شارك الجيش العراقي الباسل بكل ثقله في هذه المعركة دون علمه وحمى دمشق من السقوط بيد الكيان الصهيوني، حيث أممت القيادة الوطنية والثورية في العراق حصة شركة كولبنكيان الهولندية والأمريكية عقاباً على دعم بلدانهم للكيان الصهيوني. وعلى ضوء ما تقدم: لقد اختار محافظو الإدارة الأمريكية العراق نموذجاً بالتعميم في المنطقة في ظل الهيمنة الأمريكية الغاشمة على النظام الدولي أُحادي القطب ونظام إقليمي عربي غارق في سبات عميق. ويخطئ من يظن إن الأحداث المتسارعة التي شهدها العراق هي نتيجة اجتياح العراق للكويت بل جاء نتيجة ذلك القرار الخالد في تأميم النفط الذي ضرب القوى الامبريالية في النخاع الشوكي مما أفقدها توازنها وأيضاً كان نتيجة تخطيط مسبق في إطار الاستراتيجية الأمريكية في المنطقة يضاف إلى ذلك خروج العراق منتصراً في حرب الثمان سنوات مع إيران وكان العراق متفوقاً بجيش كبير وقدرات عسكرية وخبرات تقانية عالية مع قيادة ثورية ووطنية وعقلانية لديها ثاني احتياطي نفطي في العالم بعد المملكة العربية السعودية، والقدرة الفائقة على الرد على الكيان الصهيوني المغتصب لفلسطين الحبيبة، وكل ذلك لم يتلاءم مع المصالح الأمريكية في الخليج العربي . إذاً، بات العراق في دائرة الاستهداف الأمريكي بسبب خياراته المستقلة وإرادته الوطنية الذي قررت تأميم النفط العراقي في 1 حزيران من عام 1972. لذا وضعت الإدارة الأمريكية والبريطانية لمعاقبة العراق ونظامه الوطني وقيادته التاريخية مخطط ضربه قبل اجتياح الكويت، وقد ساعد على ذلك انتهاء الحرب الباردة مع الاتحاد السوفيتي لصالح الولايات المتحدة الأمريكية بسقوط جدار برلين عام 1989 وهشاشة النظام الإقليمي والعربي المتخاذل. ولا ننسى الصراع المحتدم مع الشركات الاحتكارية الذي قاده الرفيق الشهيد صدام حسين وله الفضل فيه وفيما بعد، رحمة الله عليه ورضوانه ورفاقه المسؤولون عن إدارة الحوار مع الشركات الاحتكارية وحسمت الخلافات القديمة الجديدة كلها مع شركات النفط الأجنبية وحقق العراق استقلاله السياسي بعد ما حقق استقلاله الاقتصادي في قراره الخالد بتأميم النفط. لتكن ذكرى تأميم النفط درساً لنا بأن ثمن النضال والصبر والثبات على قيم المبادئ والمعاني العالية هو مفتاح النصر. المجد والخلود لأبطال التأميم وفي مقدمتهم طيب الذكر الأب القائد أحمد حسن البكر وشهيد الحج الأكبر صدام حسين رحمة الله عليهم. الباحث والكاتب السياسي جابر خضر الغزي 1-6-2024