شبكة ذي قار
عاجل










إلى متى سيبقى لبنان ومعه المنطقة في مهب الريح! فؤاد الحاج   في الزمن الرديء الذي تعيشه أمة النكبات العربية، ماذا يمكن أن يقال جراء الواقع المفروض من حلف الشر والطغيان العالمي والإقليمي وفي مقدمها إدارات الشر الأمريكية المتعاقبة وإيران الرازحة تحت نير وظلم ملالي قم وطهران، وتركيا أردوغان وحزبه "العدالة والتنمية" الذي يبحث على مكانة له في نظام دولي جديد لم تتكون ملامحه نهائياً بعد، إضافة إلى تجار الدين من المحيط الأطلسي إلى الخليج العربي، الذين يعملون معاً من أجل تغيير معالم تاريخ وجغرافيا البلدان العربية وأسس الديانات السماوية من أجل إقامة كانتونات طائفية ومذهبية! وبقصد أو بغير قصد يرفدهم الانتهازيون من المهرجين أدعياء والوطنية من على شاشات تلفزيونية محلية وعابرة للقارات تدفع لهم أثمان مقابلاتهم وحواراتهم بحسب أهواء ممول كل محطة منها؟ وكي لا نبتعد كثيراً عن عنوان هذه المقالة أردد ما كتبته مرات ومرات بيتين من شعر الراحل الشاعر المهجري في أستراليا ألبير موريس كرم التي تختصر الوضع الراهن في لبنان: باعوك يا لبنان وهل وطن يباع / وتقاسموا خيرات أرضك ما استطاعوا يا موطن المجد العريق إلى متى / ستظل تنهش من جنائنك الضباع؟ ومن هذا المنطلق يمكن القول أن لبنان طوال تاريخه وتحديداً منذ اتفاقية "سايكس-بيكو" عام 1916، إلى يومنا هذا كان ولم يزل سلعة للبيع بكل ما للكلمة من معنى، لذلك نجد أن اللبنانيين وعلى مختلف مستوياتهم، مواطنين عاديين ومسؤولين وفي كافة الإدارات يهيجون لفترة لا تتجاوز الشهرين قبيل أي انتخابات، رئاسية، أو نيابية، أو بلديات، أو مخاتير، ومن ثم يهدأون وكأن شيئاً لم يكن، وتعود حليمة لعادتها القديمة، شكاوى ومظلمات وبكائيات ولطميات وما إلى هنالك من مجالات تعبر عن ضيق صدر المواطن بهذا النائب وذاك رئيس البلدية والمختار لأنهم لم يفوا بالعهود التي قطعوها للمواطنين! وهكذا تمضي السنين والأوضاع المزرية تتفاقم، حتى بدأ المواطن المغلوب على أمره يلعن في السر والعلن كل النواب والرؤساء منذ أن حصل لبنان على استقلاله عام 1947. *** مرة أخرى أقول، ضمن هذه الظروف التعيسة ترى ماذا يمكن أن يُكتب أو يقال؟ وفي الوقت نفسه ما هو دور المثقفين الوطنيين الشرفاء والأحرار، الذين يرفضون الواقع المرير ويتطلعون إلى غدٍ أفضل؟ وكيف العمل لمواجهة هذا الواقع المفروض على الشعوب والأمم من قبل أعداء الإنسانية؟ تساؤلات كثيرة تدور في الأذهان، والجواب هو وحدة الموقف والتضامن. وعلى الرغم من الجواب الواضح، فأن الاختلاف يكمن في التفاصيل بين هذا وذاك المثقف، ولا مجال لمناقشة ذلك في هذه السطور، لأن الشرح المفصل مطلوب من الشرفاء والأحرار من أبناء أمة النكبات التائهين في التفسيرات والتقديرات لمجريات الأوضاع هناك، كما أن ذلك مطلوباً من كل الأحزاب والتنظيمات الوطنية والقومية في الوطن العربي الذي كان كبيراً بأحلامنا. وكذلك هو مطلوب من كل الذين أكلوا من صحن العراقيين وعدداً كبيراً منهم مع الأسف بصقوا في ذلك الصحن حتى من العراقيين أنفسهم. وأيضاً مطلوب من كل الذين شاركوا إن في مؤتمر القوى الشعبية العربية، أو في مؤتمر الأحزاب العربية، أو في ملتقى الحوار العربي الثوري الديمقراطي، أن يراجعوا مواقفهم وكلماتهم منذ بداية تسعينات القرن الماضي وأن ينسقوا فيما بينهم إن لم نقل توحيد رؤاهم وصفوفهم مجدداً، ضمن جبهة وطنية وقومية عربية، عريضة وفاعلة، من أجل الانتقال من حالة التداعي الوطني والقومي والفواجع والمآسي التي تمر بها الأمة في كل أقطارها، وأن يعملوا على إعادة تحقيق ثقة الجماهير بهم، وكذلك ثقة المواطن الذي فقد تلك الثقة وكفر بهم وبهذه القوى التي لن يرحمها القلم والزمن وستدوّن في ذاكرة التاريخ على أنها مرحلة الانحطاط القيمي والأخلاقي. فهل يتجرأ أي قيادي أو زعيم حزب أو مفكر سياسي، أن يتخلى عن الأنا تحقيقاً للمواقف المبدئية والثابتة لحزبه أو لتنظيمه من أجل مصلحة الأمة أو الوطن على أقل تقدير، لأن المبادىء والأهداف لا يمكن أن يتم تفعيلها إلا بدعم الشعب وإلا ستبقى حبراً على ورق، كما هو حال كل الأحزاب والتنظيمات في كل الأقطار العربية دون استثناء. *** ومن يعيد قراءة مراحل النضال العربي ضد الاستعمار وضد احتلال فلسطين منذ بداية الأربعينات وحتى أواخر السبعينات من القرن الماضي يشهد على أهمية مواقف ومبادىء القوى التي كانت حية في الأمة العربية. كما سيجد الباحث أن دعم الجماهير وانخراطها في تلك الأحزاب والتنظيمات ولجان نصرة فلسطين والعراق والدفاع عن مصر إبان العدوان الثلاثي، أن ذلك الدعم قد اضمحل وأصبح تحت الصفر بمئات الدرجات كما هو حال التغيرات المناخية التي نعيشها في هذه الفترات. لأن موقف أبناء الأمة في فترة الخمسينات والستينات كان تعبيراً حياً عن تطلعات أبناء الأمة التي آمنت ببناء غد مشرق أفضل، بينما اليوم نجد أن أبناء تلك الأمة لم تعد تؤمن بتلك الأحزاب والتنظيمات، ليس لأنها بدلت أو غيرت أفكارها ومبادئها، إنما بسبب بروز قيادات انهزامية وأصحاب مصالح على حساب الفكر، والعقيدة، والمبدأ، وخير دليل على ذلك انخراط عدد كبير من المحسوبين على فكر هذا الحزب أو ذاك التنظيم في المجالس النيابية، أو مجالس الأمة، أو مجالس الشعب، قد تنكر للجماهير التي انتخبته، وأيدته، ومنحته أصواتها، وبات بوقاً للنظام الذي كان معارضاً له من أجل أن يحافظ على راتبه المليوني شهرياً، وهكذا الحال في النقابات المهنية والعمالية وغيرها من مؤسسات التي من المفترض أن تكون في خدمة الطبقات الكادحة، والعمال، والجماهير بشكل عام. واليوم يتساءل كثير من الشرفاء والأحرار من أبناء تلك الأمة مقيمين ومغتربين، لماذا بعض الأحزاب التي كانت تحمل صفة قومي ووطني، وأهداف نبيلة، أصبحت تعمل طائفياً ومذهبياً؟ ولماذا تحوّل عدد من الذين كانوا قيادات بارزة في أحزاب تدعي الليبرالية، أصبحوا لا يتحدثون إلا بلهجات طائفية ومذهبية؟ ولماذا أصبحت الطائفية والمذهبية هي السائدة في كل البلدان العربية؟ أسئلة تتوالد من رحم أسئلة، كلها تؤشر إلى أن الجماهير لم تعد تؤمن بهذا الشخص أو ذاك، وليس بفكر أو مبادىء ذلك التنظيم أو الحزب الذي تم الاستيلاء عليه من قبل أشخاص، وتم تحويله إلى حكم فرد وعائلة. ولنا في مجريات الأوضاع في لبنان كما ذكرت آنفاً برهان ساطع، حيث تسيطر مجموعة تعمل على فرض آرائها وسيطرتها على مقاليد الحكم بدعم وإسناد من مجموعة عناصر قليلة العدد من كل الطوائف والمذاهب والديانات المدعومة من ملالي قم وطهران، بحيث يمكن القول أنه لم يبق من الجمهورية اللبنانية سوى اسمها على الورق ليس إلا، يسيطر فيها الفساد وينخرها المفسدون، لأن السلطة باتت للقوى المسلحة والمرتهنة للخارج. *** ومن يعيد قراءة تاريخ وأسباب الانشقاقات في الأحزاب والتنظيمات الوطنية والقومية منذ ستينات القرن الماضي، سيجد أن السبب الأساس هو حكم الفرد إلى أن يموت، فكم من حزب أو تنظيم مات بموت قائده أو مؤسسه، بمعنى أنه لم يعد لذلك الحزب أو التنظيم ذات التأثير والقوة والتأييد من قبل الجماهير، لأن هذه الأحزاب والتنظيمات لم تستطع فرز قيادات جديدة ولم تفسح المجال لمشاركة الشباب في القيادة من أجل رفد تلك الأحزاب بدماء الشباب. مما تقدم أدعو القوى الحية والقيادات الوطنية والقومية الأصيلة الغيورة على مصلحة الوطن والأمة أن تعود إلى الجذور الأساسية التي نشأت من أجلها هذه الأحزاب والتنظيمات للعمل من أجل غد مشرق لأجيالنا التي ستلعنهم جميعاً، ولنا في قول الإمام الشافعي رحمه الله عبرة: (نعيب زماننا والعيب فينا / وما لزماننا عيب سوانا / ونهجوا ذا الزمان بغير ذنب / ولو نطق الزمان لنا هجانا / وليس الذئب يأكل لحم بعض / ويأكل بعضنا بعضا عيانا.) إننا في مرحلة حرجة من مراحل تاريخ الأمة العربية وانتقالها من مرحلة مضت إلى مرحلة جديدة مجهولة، تستهدف وجودها وكيانها، تستدعي من كافة المؤمنين بأمتهم وبقدرة الجماهير على صنع المعجزات أن يلتقوا من جديد من أجل غد أفضل، يعيدون فيه للمواطن - بصيغة الجمع - عزته وكرامته التي سلبتها الأنظمة الذيلية، والذين يسمون أنفسهم رجال دين من كل الديانات والطوائف والمذاهب دون استثناء. لأنه من المفترض أن يكون غزو العراق واحتلاله وتدميره وإعادته إلى "عصر ما قبل الصناعة" وكذلك ما جرى ويجري في سوريا وليبيا درساً وموعظة لكل المؤمنين بوحدة الأمة ونهضتها، وحالياً ما جرى ويجري في السودان واليمن، لأن ما يجري اليوم في اليمن وفي تونس وفي ليبيا وفي السودان وفي الصومال وفي موريتانيا كما في لبنان وفلسطين وباقي الأقطار العربية، دليل صارخ على أن ما أعلنه السيئ الذكر جورج بوش الصغير في الأول من أيار/مايو 2003 من على ظهر حاملة الطائرات "أبراهام لينكولن" حيث قال "من العراق سنعيد رسم خارطة المنطقة، والآن أمنّا حماية أصدقاءنا" ويقصد بـ"أصدقاءنا" الكيان الصهيوني الغاصب لفلسطين المحتلة. إنها دعوة لكل المخلصين من أبناء الأمة في كل مكان للتضامن وتوحيد الموقف في مواجهة أعداء الإنسانية مردداً مع المهلب بن أبي صفرة (تأبى الرماح إذا اجتمعن تكسرا / وإذا افترقن تكسرت آحادا). وأخيراً أذكر بما ورد في الإنجيل على لسان السيد المسيح (عليه السلام) جاء فيها: (مرتا مرتا تهتمين بأمور كثيرة والمطلوب واحد)، مع أنه (عليه السلام) قالها في موقف محدد، ولكن، ألا ينطبق هذا القول اليوم على اللبنانيين دون استثناء، وأنه المطلوب منهم واحد وهو الاتفاق فيما بينهم على اختيار رئيس للجمهورية اللبنانية وليس لفئة دون أخرى ومن ثم تشكيل حكومة لبنانية لكل لبنان، والعمل على انتخابات برلمانية نزيهة تشرع لقانون انتخابي يتلاءم مع متطلبات العصر، تمهيداً لإعادة ثقة المواطن المقيم والمغترب، والأهم رفض التدخلات الخارجية مهما كانت ومن أينما أتت، أم أن اللبنانيين سيبقون لعبة بأيدي الغير بينما مصير الوطن يسير إلى المجهول!




الثلاثاء١١ Ðæ ÇáÍÌÜÜÉ ١٤٤٥ ۞۞۞ ١٨ / ÍÜÒíÑÇä / ٢٠٢٤


أفضل المقالات اليومية
المقال السابق فؤاد الحاج طباعة المقال أحدث المقالات دليل المواقع تحميل المقال مراسلة الكاتب
أحدث المقالات المضافة
فؤاد الحاج - العالم يعيد هيكلة نفسه وتتغير توازناته فيما العرب تائهين بين الشرق والغرب
ميلاد عمر المزوغي - العراق والسير في ركب التطبيع
فؤاد الحاج - إلى متى سيبقى لبنان ومعه المنطقة في مهب الريح!
زامل عبد - سؤال مهم، هل المشتركات الايديولوجية بين جماعة الاخوان والصفويين الجدد انعكست في مظلومية غزة الصابرة المحتسبة لله؟- الحلقة الاخيرة
زامل عبد - سؤال مهم، هل المشتركات الايديولوجية بين جماعة الاخوان والصفويين الجدد انعكست في مظلومية غزة الصابرة المحتسبة لله؟ - الحلقة السادسة
مجلس عشائر العراق العربية في جنوب العراق - ãÌáÓ ÚÔÇÆÑ ÇáÚÑÇÞ ÇáÚÑÈíÉ Ýí ÌäæÈ ÇáÚÑÇÞ íåäÆ ÇáÔÚÈ ÇáÚÑÇÞí æÇáãÓáãíä ßÇÝÉ ÈãäÇÓÈÉ ÚíÏ ÇáÇÖÍì ÇáãÈÇÑß ÚÇã ١٤٤٥ åÌÑíÉ
مكتب الثقافة والإعلام القومي - برقية تهنئة إلى الرفيق المناضِل علي الرّيح السَنهوري الأمين العام المساعد و الرفاق أعضاء القيادة القومية
أ.د. مؤيد المحمودي - هل يعقل أن الطريق إلى فلسطين لا بد أن يمر من خلال مطاعم كنتاكي في بغداد؟!
زامل عبد - سؤال مهم، هل المشتركات الايديولوجية بين جماعة الاخوان والصفويين الجدد انعكست في مظلومية غزة الصابرة المحتسبة لله؟ الحلقة الخامسة
د. أبا الحكم - مرة أخرى وأخرى.. متى تنتهي كارثة الكهرباء في العراق؟!
زامل عبد - سؤال مهم، هل المشتركات الايديولوجية بين جماعة الإخوان والصفويين الجدد انعكست في مظلومية غزة الصابرة المحتسبة لله؟ ] - الحلقة الرابعة
القيادة العامة للقوات المسلحة - نعي الفريق الركن طالع خليل أرحيم الدوري
مكتب الثقافة والإعلام القومي - المنصة الشبابية / حرب المصطلحات التفتيتية للهوية العربية والقضية الفلسطينية ( الجزء السادس ) مصطلحات جغرافية وأخرى مشبوهة
الناطق الرسمي باسم حزب البعث العربي الاشتراكي - تصريح الناطق الرسمي باسم القيادة القومية لحزب البعث العربي الاشتراكي حول مزاعم ومغالطات خضير المرشدي في مقابلاته على اليوتيوب ( الرد الكامل )
مكتب الثقافة والإعلام القومي - مكتب الثقافة والإعلام القومي ينعي الرفيق المناضل المهندس سعيد المهدي سعيد، عضو قيادة تنظيمات إقليم كردفان