سينهض المارد ويتحرر العراق بسواعد الشباب علي العتيبي حينما نقرأ التاريخ نجد أن العراق هو مهد وسيد الحضارات في العالم، وعمر حضارته أكثر من عشرة آلاف سنة، ومر بظروف عديدة ممكن وضعها وفق رسم الخطوط البيانية فنراه أحياناً في أعلى القمة وأخرى يهبط بسبب عوامل خارجية حاقدة عليه. في تاريخنا نجد أشرس هجمة عليه هي احتلال المغول والتتار بمساعدة وخيانة وزير الخليفة العباسي ومستشاريه ابن العلقمي والطوسي لما يحملانه من بذور الحقد على العروبة وميلهم إلى الفرس وترسيخهم للطائفية التي ولدت لديهم الكره للعرب الذين اطفؤوا نار المجوس وأناروا العالم بنور الإسلام، ولهذا تجد أغلب الفرس يتباهون بحضارتهم ويطعنون برموز الإسلام التي حررتهم من عبادة النار إلى عبادة الواحد الأحد. إن الغزو الوحشي الذي خلط دماء العراقيين بحبر كتبهم دليل على حقد دفين على حضارة بلاد الرافدين، أما تحالف الفرس مع المغول والتتار ومع اليهود فسببه أن أي حضارة لبلاد فارس لا تقوم إلا باحتلال العراق ونهب خيراته، واستمرت هذه النظرة حتى يومنا هذا، لأنه لولا احتلالهم لبلاد العرب فسنرى بلاد فارس تعيش المجاعة، لأن 70 بالمئة من صادرات إيران هي من الأحواز و80 بالمئة من سلتها الغذائية أيضاً من الأحواز، واطلالتها على الخليج العربي وبحر العرب كلها من الأحواز، ولهذا بدون احتلال إيران لأرض العرب لن تقوم لها قائمة. أما الغزو الأبشع في تاريخنا الحديث هو الغزو الأمريكي سنة 2003 ومن تحالف معه وخاصة التحالف الثلاثي الغادر (أمريكا وإيران والكيان الصهيوني) والسبب معروف ومعلن لأن الغرب والكيان الصهيوني والفرس لا يريدون أن ترتفع راية العروبة وصنوها الإسلام الحقيقي الذي يمثله في هذا الزمن أفضل تمثيل حزب البعث العربي الاشتراكي الذي سعى ويسعى دوماً إلى وحدة العرب، ويرتكز في نضاله ويستمد عزيمته من رسالة النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم، ومهما حاول أعداء البعث اتهامه بغير ذلك يبقى البعث هو وريث الرسالة الخالدة، والتي خلدها القائد المؤسس بجملة واحدة ( كان محمد كل العرب فليكن اليوم كل العرب محمدا) وهذا لا يخدم أعداء العروبة والإسلام، لأن وحدة العرب ونهوضهم معناه سيادة الأمة ونشر مبادئ العدل والمساواة والتحرر من قيود العبودية بكل أشكالها، وهذه المبادئ أعلنها ويعلنها البعث دوماً وفي كل مناسبة وتسلمه السلطة في العراق ليس من أجل السلطة، وإنما من أجل تحقيق أهداف البعث لنهضة الأمة، فتكالب عليه الأعداء وتحالف معهم كل حاقد على العرب وعلى البعث ممن ينظرون للبعث عدواً لنزواتهم ويهدد كراسيهم، فكان هذا التحالف الخبيث الذي بث سمومه أولاً من خلال ساعات البث الفضائي ثم الحرب والحصار وآخرها الغزو الذي شارك فيه كل بعض جيران العراق وساندوا المحتل الأمريكي والحلف الصليبي الصهيوني الصفوي، وتحالف معهم عمائم السوء بفتاوى مسمومة تسمح بهدر دماء العراقيين واستباحة أراضيهم وسرقة أموالهم، وقد استخدمت هذه الفتاوى حتى لنشر الرذيلة وفساد الأخلاق وتدمير المجتمع وبث النعرات الطائفية وسيادة الجهل والفقر والجريمة. منذ 2003 ولحد الآن ماذا حصل في العراق؟ فبدلاً من سيادة القانون أصبحت سيادة الجريمة وتحكم الفاسدين بشؤون بالدولة- إن كانت هناك دولة- قتل كل من يقف ضد المشروع الفارسي وولاية الفقيه، والطعن بكل من يدعو إلى الفضيلة ومحاربة الفساد وبعد هذا كله وبعد أن خرج شباب العراق الثائر ضد الأحزاب والميليشيات والفساد وبعد أن قدموا آلاف الضحايا فلا زالوا ممسكين بمبادئهم التي هي أصلاً مبادئ عروبية أصيلة رسخها الإسلام ونهجها البعث.ومن هنا نقول مهما طال الزمن فالبقاء للأحرار، وكل محتل ومعتدي وظالم إلى زوال، ولنا في تاريخ الغزاة عبرة. ويكفي فخراً لحزب البعث أن شباب العراق وحتى من لم يعش فترة نظام الحكم الوطني يتباهون به ويتمونون رجالاً مثلهم وحتى من بين منتسبي الأحزاب والميليشيات من صار يعلنها صراحة إن الحكم لا يصلح إلا لرجال العراق الأحرار وهذا بحد ذاته ضربة قوية على رأس العملاء. ستمر السنوات الصعاب، وتنجلي هذه الغمة مهما طالت، ويعود العراق- عراق الرجال- والأمل معقود بالشباب لأنهم عماد المجتمع وقادة المستقبل.