احتلال العراق انتهاك صارخ للقانون الدولي وحقوق الإنسان أم صدام العراقي نعيش هذه الأيام الذكرى الحادية والعشرين لاحتلال وطننا وغزوه من قبل أمريكا ومن تحالف معها من الأشرار والخونة والعملاء الأقزام المارقين ونحن نستذكر تلك السنين العجاف التي مرت بوطننا وشعبنا ونستذكر معها كل الهموم والآلام والمآسي والنكبات التي مرت بنا من جراء الاحتلال وتداعياته، فقد كان هذا الاحتلال بمثابة كارثة كبرى حلت بالعراق وشعبه. لقد بدأت الولايات المتحدة احتلالها وغزوها للعراق بحجة واهية كاذبة وهي امتلاكه لأسلحة دمار شامل، فقد ظهر فيما بعد أنها لم تكن موجودة أصلاً، فالحرب على العراق وغزوه جريمة بحق الإنسانية وخرق واضح للقانون الدولي والشرعية الدولية وانتهاك لكل القيم والمواثيق وحقوق الإنسان، وآثارها ما زالت حتى اليوم ظاهرة للعيان. منذ إحدى وعشرين سنة ونحن نتابع تداعيات ذلك الدمار والخراب الذي حل ببلد ادعت الولايات المتحدة أنها جاءت لنشر الحرية والديمقراطية في ربوعه، فصار أهله ضحايا قتل وتهجير واعتقال، فاحتلال العراق كان بداية لكارثة حلت في العديد من دول المنطقة التي كان العراق حارسها الأمين من المد الإيراني الصفوي، ولأن العراق كان الدولة الأقوى في المنطقة العربية خصوصاً بعد خروجه منتصراً من الحرب ضد إيران والتي دامت ثمان سنوات، فإن استهداف الدولة الأقوى وتدميرها كانت رسالة واضحة وصريحة للدول الأضعف، مفادها أنكم في متناول اليد. إن من أهم تداعيات الاحتلال الأمريكي للعراق هو غياب هيبة الدولة وضياعها، فأمريكا تمتلك أهدافاً استراتيجية من خلال احتلالها وغزوها للعراق، فأكذوبة الديمقراطية وحقوق الإنسان هي وسائل لتحقيق أهداف سياسية واستراتيجية وتحقيق مصالح، فقد حققت غالبية أهدافها ومصالحها من خلال غزو العراق وأهمها سيطرتها ونفوذها في المنطقة وفرض إرادتها على الرغم من عدم استحصالها موافقة أممية لغزو العراق. إن الاحتلال الأمريكي للعراق أدى إلى تداعيات سلبية كثيرة في العديد من المجالات الأمنية والسياسية والاقتصادية والثقافية والعلمية.. إلخ، وكان على العكس تماماً مما وعدت به الإدارة الأمريكية على أن التدخل العسكري الأمريكي سيجعل من العراق نموذجاً للديمقراطية والحرية والتقدم، غير أن الحقيقة المرة المؤلمة هي أن العراق تعرض إلى تدمير كامل وشامل للبنى التحتية وحل جميع مؤسساته وتفكيك جيشه ونهب خيراته وثرواته وتدمير وسرقة متاحفه لطمس إرثه الحضاري العريق وتاريخه المجيد وهويته العربية، فبعد إحدى وعشرين سنة ما زال العراق يتحمل تداعيات الغزو والاحتلال. إن احتلال العراق وغزوه فتح أبواب جهنم على المنطقة العربية، بل وعلى العالم كله، لأن الاحتلال بُني على خدع وأكاذيب ورغبة أمريكية مبيتة في تدميره وزرع الفوضى والفساد والتخلف وتفرقة أبناء الوطن الواحد، فأسلحة الدمار الشامل وشبهات الإرهاب كانت مجرد شماعات علقت عليها أمريكا أسباب احتلالها وغزوها للعراق، فقد فقدت جدواها بمرور الأيام وانكشف زيفها حتى لدى الذين لوحوا في التمهيد للغزو والاحتلال. إن يوم التاسع من نيسان يعتبر يوم انتكاسة كبرى ليس للعراقيين فحسب، بل للأمة العربية بأسرها، بما حمل من آلام وأحزان ومآسي ومخاوف من مصير مجهول، فقد شهد الشارع العراقي في هذا اليوم حالة لا مثيل لها من الانفلات الأمني في ظل غياب الأمن والقانون وانهيار مؤسسات الدولة، فمع دخول أول دبابة أمريكية شرعت الأبواب لمن هب ودب، وأصبح العراق ساحة للصراعات والتناحرات السياسية وتصفية الحسابات وعم الخراب والدمار والفساد في كل ركن من أركان الدولة.