يهود بلاد فارس (إيران) ودورهم حقائق ودلالات - الحلقة الثانية زامل عبد الأمر الذي جنب الجالية اليهودية أي تصعيد أو تغيير على وضعها في إيران لكن تغير كل شيء بعد قيام الجمهورية الإسلامية 1979 وتسلط الخميني وايديولوجيته - ولاية الفقيه - ، إذ رافقها تغير حقيقي في وضع يهود إيران ، لسببين يكمن الأول في الطبيعة الأيديولوجية المفضلة للأغلبية المتشيعة سياسيا ، على حساب باقي العقائد والطوائف الاخرى ، فيما يكمن السبب الثاني في وضعها الأيديولوجي المعادي للدولة العبرية ظاهريا ، وهو أمر يضع الجالية اليهودية في إيران في وضع حرج للغاية يصل في بعض الأحيان إلى حد الاتهام بالخيانة ، وليس أدل على ذلك من اتهام 13 من أبناء الجالية اليهودية في طهران بالتجسس عام 1999 لصالح (( إسرائيل )) ، رغم إطلاق سراحهم بعد بضع ساعات ، وبالتالي فإن هذا الوضع جعل من الجالية اليهودية في إيران أقلية ، ثقافياً وديموغرافياً إلى حد كبير ، وفند ما ذهبت اليه الكاتبة الفرنسية استر باريزي روبرت خالدر أحد أعضاء مجلس إدارة المعبد اليهودي بطهران حيث قال (( الثورة الإسلامية عام 1979 كانت خطوة مهمة في حياة يهود إيران ، لأن هذه الثورة منحتنا حقوقنا الكاملة في ممارسة عقائدنا وشعائرنا ، كما أنها جعلت الشعب اليهودي في إيران أكثر تدينًا وتمسًكا بعقائدهم بسبب الحرية الدينية والثقافية التي منحت لهم )) ، منذ أكثر من 2500 سنة ، وهو تاريخ الوجود اليهودي في إيران أو بلاد فارس كما هو اسمها القديم ، وأرض إيران تحظى بمكانة خاصة لدى اليهود ويرتبط اسمها لديهم ، بالكثير من الذكريات الشجية والعاطفية المتجذرة في الوعي الجمعي اليهودي ، فإيران بالنسبة لهم أرض كورش ، مؤسس الإمبراطورية الفارسية في القرن السادس قبل الميلاد ، والذي خلصهم من السبي البابلي ، وبنى لهم مدينة خاصة بهم في غرب إيران ، وسمح بعودة من يرغب منهم في العودة إلى أورشليم وشجعهم على إعادة بناء الهيكل ، كما أمر بإعادة الأواني الذهبية والفضية إلى بيت المقدس وكان (( بختصر ملك بابل )) ، قد أحضرها معه وغالبًا ما تسرد هذه الحكاية خلال الاحتفالات اليهودية تقديسًا لهذا الملك الفارسي البطل والمؤسس ، والمذكور في التلمود كمخلص ، والذي رسمت إحدى المنظمات الدينية اليهودية في الكيان الصهيوني صورة وجهه على عملة بجانب وجه ترامب ، والذي جعل بعض اليهود يرتبطون بإيران أكثر من ارتباطهم بـأرض الميعاد ، وفي أرض إيران أيضا العديد من الأماكن المقدسة والتاريخية لليهود ، منها ضريح استر ومردخاي ، في مدينة همدان ، وضريح النبي دانيال في مدينة شوش وضريح النبي حبقوق في مدينة تويسركان ، وكل هؤلاء من أنبياء اليهود المقدسين عندهم وإيران كذلك هي دولة { شوشندخت } الزوجة اليهودية الوفية للملك يزدجرد الأول ، وتحوي أرضها جثمان بنيامين شقيق سيدنا يوسف عليه السلام ، والذي يحج إليه اليهود من أنحاء العالم ، كما توجد فيها مقابر للعديد من العلماء اليهود البارزين ومنهم الحاخامان { هاراو اورشركاء } في يزد، و{ ملا مشه هلوي } في كاشان ولكل ذلك وغيره ، كانت الطائفة اليهودية في إيران ولا تزال تقدس أرض إيران وترفض دعوة العودة إلى أرض الميعاد، وفاق حبها لإيران حبها لأورشليم - القدس - ، ولذلك لم يندفع يهود إيران للهجرة بكثرة إلى فلسطين حتى بعد قيام الكيان الصهيوني سنة 1948 بقرار الجمعية الكبرى تقسيم التراب الوطني الفلسطيني من قبل مجلس الأمن بإرادة بريطانية أمريكية والغرب المتصهين وتواطؤ الاتحاد السوفياتي في حينه. يتبع بالحلقة الثالثة