شمّاعَة الخَوف مِن البَعْث يُثيرها النِظام لتغذيةِ التوافُق داخِل أجنِحَته المُتناقِضة أحمد أبو داود تبحث النظم عن عدو لكي يستفز قدراتها من اجل مواجهة التحديات التي تتعرض لها، فالولايات المتحدة الامريكية وخلال الحرب الباردة كان عدوها الاتحاد السوفيتي، الى الحد الذي وصف "امبراطورية الشر" كما سماها الرئيس الامريكي ريغان في ثمانينات القرن الماضي. وبعد تفكك الاتحاد السوفيتي كان لابد من افتعال عدو جديد، فأصبح الإسلام هو العدو الاول لواشنطن وللغرب عموماً، وجرى التثقيف على ذلك في كافة المجالات ولاسيما الثقافية والإعلامية منها. وكل ذلك تحت استراتيجية ما طلق عليه "صراع الحضارات" وهي استراتيجية مزعومة ومشبوهة لخدمة ما أشرنا إليه أعلاه. ومن هنا فبعد الاحتلال الأمريكي الإيراني للعراق ظهر استخدام جديد لحقيقة وجود قوى وطنية معارضة للاحتلال ولعمليته السياسية البائسة التي فرضها فيه، وهذا الاستخدام يتمثل في جعلها الدافع والمحرك للمواجهة مع التحديات السياسية وكل من يعارض النظام البائس والفساد المستشري وذلك عن طريق إثارة الخوف لدى أحزاب السلطة من عودة البعث وتهديدهم بها والتنكيل بالمواطنين وكل المعارضين الوطنيين. وقد ساهم الإعلام في تعظيم هذه المواقف حيث تنتشر أحاديث لأشخاص ومقالات وفيديوهات تتحدث عن عودة قريبة للزيتوني والبعث، مع تهديدات مزعومة بإبادة وسحل القيادات الفاسدة، وهذا الاستهداف للقوى الوطنية يتم مرة بدعم أمريكي وأخرى بدعم إيراني، وهذا ما يدفع قيادات أحزاب السلطة لشن حملات اعتقالات واسعة ضد أبناء الشعب وكل من يعارض الاحتلال الأمريكي الإيراني للعراق، أو يرفض الفساد المستشري بتهمة الارتباط بالبعث. والهدف هو أن تبقى شمّاعة الخوف من البعث تُثار لإدامة الوفاق والتوافق داخل عناصر النظام، تغذّيها التهديدات المتعمَّدة أحياناً من قبل عناصر السلطة نفسها، وأحياناً باستغلال كتابات وأقوال غير مسؤولة يصدرها مواطنون في الخارج والداخل، عبر وسائل التواصل الاجتماعي أو من خلال بعض الفضائيات، مما يؤدي بشكل مقصود أو غير مقصود إلى الإضرار بالأهداف الوطنية، وتعزيز بقاء النظام الاحتلالي الفاسد.