القيادة العامة للقوات المسلحة بيان رقم (171) في الذكرى السادسة والثلاثين لتحرير مدينة الفاو بسم الله الرحمن الرحيم ((انْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ)). آل عمران الآية 160 صدق الله العظيم أيها الشعب العراقي العظيم أيها النشامى من أبناء قواتنا المسلحة الباسلة أيها الأحرار في كل مكان في هذه الأيام المباركة من شهر نيسان تحل علينا وعلى أبناء شعبنا وأمتنا المجيدة الذكرى السادسة والثلاثون لتحرير مدينة الفاو العزيزة (مدينة الفداء وبوابة النصر العظيم) في عمليات (رمضان مبارك) التي انطلقت في الساعة 0630 من فجر يوم 17 نيسان 1988 ليشكل هذا التاريخ محطة مشرقة في تاريخ العراق وأمة العرب، هذا النصر العظيم الذي تحقق بالفعل الميداني للمقاتل العراقي المقتدر وبتخطيط وحكمة القيادة السياسية وعلى رأسها مهندس النصر شهيد الأضحى السعيد ورفاقه الميامين الذين هيأوا كل مستلزمات هذا الفعل البطولي ليكون هذا النصر بارقة الأمل في سماء العراق والأمة العربية والتي دب اليأس في نفوس الكثير من أبنائها وهم يعيشون قهر كابوس الاحتلال الجاثم على أعز بقعة وأقدس موضع القدس الشريف قبلة المسلمين الأولى والمكان الذي عرج منه نبينا الأكرم إلى السماء. لقد أعادت ملحمة تحرير الفاو إلى الأذهان صورة جيش الإيمان الذي يهزم بصدق إيمانه ودفاعه عن الحق جيوش الظلم والظلام والحقد والتوسع والجريمة، فانشرحت بنصر جند الحق في العراق صدور المؤمنين ونما الأمل في نفوسهم، وتجسدت فكرة رجال الصولة في عقولهم وبدا العربي في كل مكان من أرجاء المعمورة أكثر تفاؤلاً وأشد عزماً على استرداد حقوقه وإثبات كيانه. أيها الميامين النجباء يا لها من مناسبة عظيمة أن نعيد إلى الذاكرة الأحداث الجسام التي مرت ببلادنا، حيث أن الفرس عند احتلالهم الغادر لمدينة الفاو سنة 1986 غيروا ملامح الأرض بالسواتر والخنادق وحقول الألغام والممرات المائية، وأكدوا وطبلوا أن على العراقيين أن ينسوا أن هناك مدينة عراقية اسمها الفاو وأنهم الآن جيران الكويت، وما إلى ذلك من التصريحات التي تريد ترسيخ صورة الهزيمة في جيش القادسية أولاً ومن خلاله تعميم تلك الصورة القاتمة على أبناء الشعب العراقي والأمة العربية المجروحة في كبريائها قبل ذلك في فلسطين، حتى أن (علي الخامنئي) قد صرح وقتها في سنة 1986 أنه سيذهب إلى بغداد لتهنئة القيادة العراقية إن تمكنت من تحرير الفاو. وفي تلك الأيام الخالدة وفي بداية سنة 1986 تمكن حينها العراقيون الأباة من إيقاف زحف العدو المجرم الذي دفع بالآلاف من خيرة قطعاته وبالاستفادة من طبيعة الأرض الرخوة هنالك في مناطق المملحة والفاو ورأس البيشة، وحاول العدو الإيراني خلالها السيطرة على مدينة أم قصر الميناء العراقي الرئيسي في جنوب العراق كمرحلة ثانية لهجومهم، وكان هذا العمل بمجمله تمهيداً للاندفاع لاحقاً واحتلال مدينة البصرة الحبيبة، ولكن قواتنا الباسلة تمكنت آنذاك من إيقاف اندفاع قوات العدو وحصره في مدينة الفاو والمناطق القريبة منها بعد أن قدمت تضحيات كبيرة خلال مرحلة التصدي وإيقاف الخرق، ولتأخذ بعدها فترة من الزمن وتقوم بالتمهيد وتهيئة مسرح العمليات وإعداد القطعات اللازمة لتحريرها وطرد الغزاة منها. أيها الأحرار في كل مكان وفي مخادعة استراتيجية مشهودة وعلى ضوء خطة محكمة صاغتها عقول وأفكار وأنامل نخبة من رجال العراق الميامين وبإشراف مباشر من القائد العام للقوات المسلحة انطلقت معركة تحرير الفاو هذه المدينة الباسلة باندفاع عزوم من قيادات الحرس الجمهوري والفيلق السابع، والتي كان يقودها رجال أشداء مؤمنون بالله والوطن صقلتهم تجارب الحرب وأثبتت شجاعتهم وخبرتهم وقدرتهم على المنازلة والتحدي، وليتمكنوا من انتزاع مدينة الفاو من أيدي الغزاة في أقل من (35) ساعة من القتال الشرس والأداء الرجولي، ولم تتجاوز تضحيات العراق في ملحمة التحرير ألف شهيد رحمهم الله جميعاً، حيث برزت الروح الوطنية والأداء العالي والتدريب والإعداد المتميز لقواتنا. أيها الأحرار في كل مكان ما كان لنصر الفاو أن يتحقق لولا توحد العراقيين تحت راية واحدة بكل أطيافهم وأعراقهم وقومياتهم، ولم يكن ليتحقق لولا أن الذين أعدوا وخططوا وقادوا المعارك هم من أبناء العراق الأحرار الأباة والذين قدموا أنفسهم فداء للعراق وترابه الطاهر، ولذلك فإن درس الفاو لابد أن يكون نموذجاً وعنواناً بارزاً لكل من آمن بالعراق حراً عزيزاً مستقلاً موحداً يقوده أبناؤه الأحرار الذين لا تربطهم بالأجنبي أي رابطة، وأن رابطهم الوحيد هو مع العراق، الذين تعشقوا محبته وتعمدوا بترابه الغالي، ووضعوا تراثه وتاريخه ومجده في حدقات العيون. أيها العراقيون الأباة لقد كانت معركة رمضان المبارك فاتحة الانتصارات المتوالية في القادسية المجيدة، والمنعطف الكبير، وبوابة حقيقية للنصر العظيم، وليتجرع بعدها نظام الملالي كأس السم، ويعترف بالهزيمة بعد معارك التحرير الكبرى التي سطرها النشامى في قواتنا المسلحة الباسلة، ولتبدأ صفحة جديدة من التآمر الصفوي الحاقد على الأمة وتاريخها، حين تحالفوا مع الشيطان الأكبر، ودفعوا به للنزول لمواجهة العراق العظيم بالتواطؤ مع كل أعداء الأمة العربية، من دول وحكومات وجواسيس وعملاء مأجورين، ليبدأ المشهد التآمري بالحصار الشامل بذريعة الكويت، ولينتهي باحتلال قلعة الإيمان وبث الخراب والدمار والقتل والاجتثاث والتهجير وإطلاق اليد الصفوية الآثمة في كل مفاصل الحياة العراقية، وفي مقدمتها تنصيب الحكومات الطائفية التي لا هم لها سوى المحاصصة في النهب والسلب وسرقة المال العام وتضليل الشعب بالوعود الكاذبة والتصريحات المنمقة ودك اسفين الفرقة والعداوة والكراهية بين مكونات الشعب. أيها الأحرار في كل مكان وفي هذه المناسبة الخالدة نحيي شعبنا الصابر المجاهد، ونقول: المجد والفخار للقادة الأبطال الذين ساهموا بالتخطيط والقيادة والإدارة لملحمة الفاو المجيدة (مدينة الفداء وبوابة النصر العظيم) يتقدمهم الأبطال الفريق الأول الركن أياد فتيح خليفة الراوي قائد الحرس الجمهوري البطل والفريق الركن ماهر عبد الرشيد الناصري قائد الفيلق السابع البطل، والاعتزاز والمحبة والتقدير العالي لكل القادة والآمرين والمقاتلين الذين كان لهم شرف المساهمة في ملحمة تحرير الفاو مدينة النخيل والملح والحناء. الرحمة والجنة والخلود لشهداء العراق والقوات المسلحة الباسلة من الذين تربوا على الوطنية وشربوا حليب الشرف والغيرة والكرامة. تحية لكل يد حملت البندقية في مثل هذا اليوم وهي تتقدم بخطى ثابتة نحو أهدافها مرفوعة الرأس منتصبة القامة مكشوفة الصدر، ولم تتلوث بمصافحة محتل وغازي، ولكل قلب حافظ على سلامة الموقف إلى جانب الوطن. تحية للعقول الرائعة حتى وإن كانت تحت تراب المجد والفخار والتي خططت لمعركة تحرير الفاو بكل صفحاتها المجيدة. وإننا في القيادة العامة للقوات المسلحة وفي ذكرى الفاو الحبيبة ليس لنا إلا أن نفخر برجالها وأبطالها، ونؤكد لهم أن الروح الوطنية والإيمان العالي بالله والوطن التي ضحوا بأرواحهم من أجلها ومن أجل رفعتها ستبقى في صدورنا وقلوبنا وضمائرنا، وستبقى فخراً حافزاً لنا للعطاء من أجل استقلال العراق وسيادته، ونقول تحية لكل شريف يشعر بالفخر والاعتزاز بهذا اليوم المجيد حتى الذين يفخرون به داخل نفوسهم، والعار والشنار لكل من خان العراق وتربته الطاهرة وتاريخه المجيد، وليبقى أبناء العراق يتغنون بمجد الفاو ويعتبرونها حافزاً لتجديد العزم للمحافظة على بلادنا العزيزة وتربتها الطاهرة. عاش جيش العراق الباسل المجيد صاحب المآثر والبطولات، وعاش شعبنا العراقي الأبي شعب الأحرار والثوار، والمجد كل المجد لشهداء العراق العظيم وقواتنا المسلحة في ملاحمه الوطنية المباركة. ولابد لنا في هذه المناسبة الخالدة أن نستذكر أرواح شهداء بلادنا البواسل الذين روت دماؤهم أرض العراق الطاهرة، يتقدمهم شهيد الحج الأكبر الرئيس صدام حسين الصانع الأول لذلك الانتصار التاريخي ولكل رفاقه الميامين، وندعو الله أن يفك قيد الأسرى من قادة جيشنا الأبطال الذين يقبعون في سجون ومعتقلات حكومات العميلة منذ سنوات طويلة وذنبهم الوحيد أنهم دافعوا عن بلادهم بعز وشرف وعطاء غير محدود. التحية والتقدير والعرفان إلى كل الأحرار والأبطال الذين تمسكوا بحق بلادهم في النصر والتحرير، ولكل من ساهم في ملاحم الدفاع عن الوطن تجاه التهديدات التي تعرض لها. تحية إلى شعبنا العراقي العظيم من أقصى شماله إلى أقصى الجنوب. والمحبة والتقدير والاعتزاز لكل من آمن بالعراق العظيم واحداً موحداً مستقلاً. القيادة العامة للقوات المسلحة بغداد المنصورة بإذن الله 17 نيسان 2024