السابع من نيسان مخاض أمة منذ ما قبل عام 1947 ..(ح- 1) د. أبا الحكم برزت في سماء الأمة الكثير من الاحزاب الوطنية على مدار عقود عديدة من السنين، ثم تلاشت تدريجياً لأسباب تقع في مقدمتها قطريتها واختزالها بقادتها ومحدودية اهدافها الوطنية القطرية وعدم شموليتها واتساعها الفكري والتنظيمي الى محيطها القومي : 1-هذه الاحزاب وعلى وفق اهدافها تلاشت في العراق وفي اقطار الامة على الرغم من دورها المؤثر في حقبة الهيمنة الاستعمارية على ساحاتها سواء كان الامر يتعلق بنضالات التحرير او التحرر من ربقة الاستعمار الفرنسي والايطالي والهولندي والاسباني والبريطاني او يتعلق بنضالات مع السلطات والحكومات القمعية المستبدة . 2-تبنت هذه الاحزاب مطالب الشعب العربي في مضمار التحرر والدفاع عن مصالح الجماهير في اقطارها ولكن قياداتها ظلت في اطر (تحررية) قطرية في ظل ظروف الاحتلال الفرنسي مثلا للجزائر او المغرب او تونس وليبيا، فضلا في ظل مقارعة النظام الملكي المستبد في العراق في تلك الحقبة. 3-ولكن البعث العربي الاشتراكي لم يكن يرتكز على بعد واحد في نهجه الفكري والعملي الميداني، كما لم يكن محدوداً في اطره ونضالاته القطرية إنما ممتداً على رقعة جغرافية عربية واسعة تمتد من اقصى المغرب العربي الى اقصى المشرق العربي ، كما لم يكن فكره مختزلاً قطرياً ليمثل نهجاً محدوداً ، إنما كان وما يزال يمثل انعكاسا رائدا لما يريده الواقع العربي وفي كل اقطار الامة من مطالب حيوية ذات بعد قومي .. فالواقع العربي من المحيط الاطلسي الى الخليج العربي ومن مشرقه الى مغربه كان بحاجة الى وحدة نضالية قادرة على تحمل اعباء النضال الذي يدور على مختلف الصعد الجماهيرية الشعبية والسياسية والاقتصادية والثقافية والامنية، كما كان بحاجة الى تحمل هذه الاعباء من خلال ثورات غير نمطية يلتحم فيها الحزب مع حركة الجماهير ميدانيا من اجل (تغيير) الواقع (الفاسد) وبما يتماشى مع اهداف الجماهير من حيث البناء الجديد لبنية المجتمعات العربية على المستوى السياسي والثقافي والتربوي والاقتصادي والعسكري، الأمر الذي يجعل من الدولة العربية ناهضة بمؤسساتها راسخة بمناهجها تتسع لتحاكي مؤسسات ومنظمات وهياكل نظم الاقطار العربية على اساس التكامل في البناء القومي والتلاحم الجماهيري . وعلى هذا الأساس، شدد الحزب على الوحدة، وحدة الأقطار العربية، لماذا؟ لأن الأمة العربية مجزءة بفعل الأستعمار، ومقارعة الاستعمار ضرورة نضالية لا بد منها من اجل الوحدة، والوحدة ليست خياراً آنياً أو شكلياً إنما خياراً نضالياً بعيد المدى قد يمتد لأجيال حتى تنضج خلالها الشروط الذاتية وتتلائم الظروف الموضوعية لقيام الوحدة التي من اهم شروطها انها تبنى من قاعدتها الجماهيرية لكي تبقى وتستمر وذلك بناء على قياداتها السياسية التي تؤمن بالوحدة واهدافها في الحرية والعدالة الاجتماعية.. وبتحقيق الوحدة العربية تتحقق الحرية، لماذا ؟ لأن لا حرية بدون الوحدة .. وما دامت التجزئة قائمة فأن الاقطار العربية متفرقة ومتشرذمة ومخترقة ومتناحرة ومقسمة على اساس نفوذ قوى كبرى وعظمى وتحت تأثيرات إقليمية .. فخيارات النضال من اجل الوحدة العربية يكتسب طابعاً عمليا وميدانيا وليس فكريا فحسب .. والوحدة في فكر البعث مطلبا كبيرا ورائدا تتحقق من خلالها الحرية وتتحقق العدالة الاجتماعية ، الأمر الذي جعل مطلب الوحدة في مقدمة نضالات الحزب الفكرية والعملية ، وحدد معوقات عدم تحقيقها من خلال مؤتمراته القطرية والقومية على امتداد تاريخه النضالي منذ السابع من نيسان عام 1947 وما يزال يناضل من اجل الوحدة والحرية والاشتراكية . وللحديث بقية عن معوقات الوحدة العربية.