طهران في مأزق.. كيف ولماذا؟ د. أبا الحكم بعض سيناريوهات السياسة، تعكس مدلولاتها الخاصة أحيان مؤشرات لا تتطابق مع الحقائق إنما تتماشى مع الأهداف التي تنتجها استراتيجية الدولة، عندها تبرز حالة الغموض والتشويش وضياع الحقوق.. فماذا يعني إطلاق صفة (شهداء الأقصى) على القتلى من الجنرالات الإيرانيين الثمان والنصف الثاني من عناصر حزب الله اللبناني ومن موالين من الحشد ؟ ألم يكن اعترافًاً واضحا وصريحا بأن ما يجري في غزة هو يستهدف القضية الفلسطينية بالتدمير وليس للتحرير؟، ألم تعلن طهران مباركتها لقرار مجلس الأمن الدولي بوقف اطلاق النار الذي لن ينفذ حتى يحصد الكيان الصهيوني أهدافه في حرب غزة .. ولنا في هذا الأمر ملاحظات على درجة كبيرة من الأهمية في تحديد طبيعة هذه السيناريوهات المكشوفة التي اعلنت من العاصمة طهران .. ما الذي جرى: في اللحظة التي اعلن فيها قرار مجلس الأمن الدولي وقف إطلاق النار بشأن الحرب على غزة، توجه رئيسة المنظمة السياسية حماس إلى طهران لإعلان التهنئة وتقديم الشكر وتمجيد (محور المقاومة والممانعه)، الذي صنع النصر لطوفان الأقصى. الكلمة التي أدلى بها رئيس منظمة حماس تعد إعترافاً صريحاً و واضحاً بالدور الذي لعبته طهران في طوفان الأقصى وفي إطار ما يسمى (المقاومة والممانعه) والتذكير بقرب إحتفالات مؤتمر (القدس) الذي تدعو إليه طهران منذ عدد من السنين في مجال 1- الحشد العام في المنطقة العربية والعالم الإسلامي 2- وفرض الوصاية الايرانية على القضية الفلسطينية 3- والإعلان بان طهران هي التي ستحرر القدس. التحرك الفارسي في المنطقة العربية يتغذى على 1- القضية الفلسطينية كمدخل جيو- سياسي لعموم المنطقة العربية، لأن العرب وعواطفهم الجياشة مع فلسطين 2- التمدد الطائفي كأداة من أدوات الإستراتيجية الايرانية تجاه المنطقة العربية لتقسيمها وتفتيتها وتغيير مجتمعاتها وإعادة تشكيلها على وفق التخطيط المتفق عليه بين (أمريكا وإسرائيل) .. هنا تظهر الأهداف المشتركة بين الأطراف الثلاثة المعادين للعرب امريكا واسرائيل وايران . فمنذ أن ورطت طهران المناضلين الفلسطينيين في غزة لم يتوقف الكذب الايراني بدعم وإسناد (طوفان الأقصى)، وطهران لم تطلق رصاصة واحدة ولا صاروخ واحد لا هي ولا أذرعها في الجنوب اللبناني وكذلك الحشد الشعوبي المسلح الموالي لإيران في العراق والمليشيات المسلحة في سوريا والحوثي في اليمن طيلة أكثر من ستة أشهر ونصف و (طوفان الأقصى) يفيض بدم الفلسطينيين الذين تُرِكوا لمصيرهم أمام وحوش العصر الدمويين في فلسطين ، قتلا وذبحا واغتصاباً وتهجيرا بالجملة، وباتت قوات الاحتلال الصهيوني على مشارف رفح بعد ان احتلت 75% من اراضي غزة . لماذا أستخدمت أمريكا (الفيتو) في مجلس الأمن وعطلت قرار وقف اطلاق النار طيلة (ستة أشهر ونصف) ثم، وافقت بعد كل هذه الفترة المشحونة بالموت والدمار على وقف اطلاق النار؟ - بعد خراب البصرة كما يقول المثل العراقي الشهير- . ولماذا كانت امريكا تشجع الكيان الصهيوني على الحرب وتدعم هذا الكيان عسكريا وسياسيا واقتصاديا ولوجستياً وإعلامياً، طيلة هذه الفترة الطويلة من العدوان على الشعب الفلسطيني، ثم وافقت أن يمر القرار في مجلس الأمن دون أي إعتراض؟ لأن الكيان الصهيوني قد حقق هدفه وهو إعادة إحتلال غزة من جديد وهو على مشارف رفح التي هجرها سكانها وباتت شبه خالية. من يضمن أن الكيان الصهيوني سيمتثل لقرار مجلس الأمن؟ وهل إمتثل لقرار محكمة العدل الدولية في لآهاي؟ ستستغرق مسألة الإمتثال وقتاً طويلاً ودماءًا غزيرة في الأخذ والرد في المسائل الصغيرة كلأسرى والسجناء والمسائل الكبرى حول الرهائن والقتلى والقائمة بهذا الشأن تطول، وكل ذلك سيجري تحت خيمة (الإمتثال) لقرار وقف اطلاق النار فضلاً عن الضمانات السياسية والأمنية والعسكرية - ونزيف شعبنا الفلسطيني لم يتوقف أمام القرار الأممي الذي لا رقابة عليه حتى تكتمل كافة أهداف الحرب المتفق عليها لإنهاء القضية الفلسطينية بطريقة التحالف وطريقة الأهداف المشتركة بين عواصم القرار موضوع البحث، حيث الإحتفال بالنصر قد بدأ في طهران .. هل هي كارثة السيناريو الفاضح؟