افتتاحية العدد 401-مجلة صدى نبض العروبة الإدانة الجماعية لا تحل محنة العراق خلق الاحتلال الأمريكي للعراق حالة غير مسبوقة في التشكيل البشري العراقي، وصنع منها بوسائل سياسية وإعلامية واقتصادية ركناً من أركان وجوده الشاذ وعلامة فارقة من علامات عمليته السياسية البغيضة ألا وهي حالة المكونات. بعد الاحتلال فقط عرف العراقيون هذا الاصطلاح الذي يبدو في ظاهره طبيعياً جداً غير أن مضامينه وخفاياه تعني أن المجتمع غير متجانس لأن كل ما يتشكل ويتكون من مكونات هو تجميع، والتجميع يعني عدم الانسجام، ويعني توزيع الوطن أرضاً وسماء وسيادة بين المكونات. بمعنى آخر إن اعتماد هذا المصطلح هو المسار لتقسيم العراق وتمزيقه بدءاً من توزيع السلطة بحيث تصبح سلطة المكونات وليست سلطة الوطن. وللأسف الشديد صار استخدام مصطلح (المكونات) يسري بقصد أو بدون قصد على معظم السنة العراقيين، وكأنه كلمة مشروعة في حين أنه سم زعاف يمزق أحشاء العراق. ولم يقتصر الأمر على إشاعة هذا المنكر كمرادف للطائفية والعرقية وكركيزة من ركائز المحاصصة البغيضة، بل تعداه إلى ما هو أخطر ألا وهو النزوع إلى إدانة المكون (الشيعي) في تدمير العراق بافتراض ساذج وسطحي هو أن (الشيعة) هم من يحكمون العراق في حين أن حقيقة الحال هو أن أحزاب إيران الطائفية وليس الشيعة هي التي سلطها الاحتلال أو النزوع إلى إدانة المكون (الكردي) بنفس الاتجاهات وإدانة المكون (السني) بذات السذاجة والسطحية. الإدانة هنا ليست مجرد كتابات أو تصريحات، بل هي اتهام موجع بالخيانة الجماعية والعمالة الأمر الذي يعمق مسار الفرقة والتشرذم لشعب واحد منذ فجر التاريخ. إن تحرير العراق وانقاذه لا يتم إلا بإلغاء الطائفية والمكونات التي ترتكز عليها منهجية المحاصصة في الخطاب السياسي لأحرار العراق، وعند عموم شعب العراق. إن إشاعة استخدام مصطلح المكونات هو شرعنة للعملية السياسية المجرمة وصناعة بيئة مريضة تقبل تمزيق العراق الذي ضحى شعبه بتضحيات جسيمة في العصر الحديث والمعاصر لكي يبقى واحداً مستقلاً يمثل جزءاً لا يتجزأ من أمته العربية المجيدة. والإدانة الجماعية ما هي إلا خنجر من خناجر طعن وحدة العراق.