بسم الله الرحمن الرحيم هل يمثل النظام السياسي الوطن لا شك أنّ أي نظام سياسي مهما كان لا يمثل الوطن سواء كان دكتاتوريا ظالما أو ديمقراطيا سمحاً الّا عندما ينتهج النظام السياسي الديمقراطية ليس شعاراً فحسب بل يجب أن يتحول الى واقع وممارسة هدفها إحداث التغيير المطلوب في القوانين السائدة التي تحجم سلوكية الأفراد وتكبل طموحاتهم الهادفة الى حماية الوطن والمواطن وتفتح آفاق المستقبل لتحقيق التنمية البشرية المطلوبة بوعي وأدراك يضمن للمجتمع سلامته وللفرد حريته واستقراره. فكثير من الأنظمة تعتقد أنها ديمقراطية بمجرد طرح مبادئ وشعارات غير واقعية أو صناديق للاقتراع وتعددية حزبية بسيطة ورغم أهمية ذلك لكن يأتي تعزيز الشراكة الوطنية الفعالة دون تمييز قومي أو طائفي أوديني في مقدمة القيم الديمقراطية الحديثة فالمواطنون يجب أن يكونوا متساوون في العدالة والحرية والوظائف العامة ويستجوب أن يضع النظام السياسي البرامج والأليات اللازمة التي تضمن التطبيق السليم وتصون حقوق الجميع من حرية التفكير والتعبير والتوظيف والترشيح والانتخاب الى توفير مقومات العيش السليم للجميع دون تمييز وهذه كلها واجبات تقع على عاتق النظام السياسي لأنه هو القائد والموجه والمنظم للعلاقة بين الفرد والمجتمع وبين افراد المجتمع أنفسهم لضمان المشاركة الفعالة في الحياة العامة بأبعادها السياسية والاجتماعية والوظيفية حتى يشعر المواطن بأنه يعيش في بلده معززاً مكرماً مشاركاً منعما فالمساواة والعدالة قضية أخلاقية وطنية ودينية وانسانية تسمو فوق أي اعتبار آخر فالمسؤولية التزام وعهود وقدرة النظام السياسي على الوفاء بالتزاماته وتعهداته التي كفلها الدستور تضمن استمراريته ونجاحاته لأن من واجباته الأساسية هي الحفاظ على الوطن والمواطن ونشر الخير والفلاح واعطاء الحقوق وصيانة محتواها في أسس قانونية ضمنتها المواثيق والأعراف والدساتير الدولية فقد نختلف في السياسة وقد نعارض أنظمة سياسية قائمة لكن لا نختلف على الوطن الجامع والمصير المشترك ومن كرم الأنسان حب الوطن والحنين اليه حيث ترقد جذور الروح وحلاوة الذكرى وغفوة القلب. إنَّ الوطن لا يعني المكان والجغرافية والتاريخ ولا يعني الأرض والمياه والسماء فحسب بل يعني المكان الذي أشعر فيه بإنسانيتي وأحفظ به كرامتي وأُشارك في قراراته بشفافية وعدل وإنصاف لتنغر في روحي محبته فيتكون لدي الإحساس بأهمية حمايته والتضحية من أجله حيث لا أجد أطيب من ثراه ولا أعطر من ترابه وبمحبته تعلو الهمة ويسمو الشعور بالانتماء للوطن والولاء لتربته فوق أي اعتبار آخر. إنّ أي نظام سياسي لا يمكن ان يحقق التنمية والأمن والسلام عندما تعيش قطاعات واسعة من الشعب في فزع وخوف وشعور بالعزلة والأبعاد والتمييز وأخرين يخضعون لتدمير وقتل وتهجير مبرمج فثارت الجماهير لعلها تجد في ثورتها السلمية نتيجة صالحة ورشيدة تحقق المنفعة للجميع ورغم حالة التظاهر والهياج الجماهيري شبه المستمر لكنه لم يُسمَع وأفرز نتائج وخيمة ودمار لن ينتهي إنّ ما يجري اليوم في العراق أفقد الدولة سيادتها ووجودها وهيبتها والمجتمع وحدته وسلمه الاجتماعي وجرَّد النظام السياسي من شرعيته التي كان قد فقدها يوم تعاون مع الأشرار والمحتلين كما انّ الآليات الديمقراطية لا تقوم الّا على أساس واقع سليم يضمن للمجتمع تنميته ورُقيّه وطريقة واعية للحياة وراقية للإنسان تعبر عن سعادته وغاياته لا وسيلة للسيطرة والتعنت والاستبداد باسم الديمقراطية التي دمّرت كل جميل في حياة العراقيين. لقد كان من نتائج سوء الفهم للديمقراطية سوء التصرف ورداءة الأحوال وتدني النتائج مما انعكس سلباً على القبول الجماهيري لكل ما يجري حتى بات رفض النظام السياسي القائم في العراق اليوم مطلب جماهيري واضحا لا يقتصر على طائفة معينة أو حزب سياسي معين بل شمل أغلب محافظات العراق ولم يعد السكوت على عدم شرعية النظام حتى في أجندات من جمعه من سكراب السياسة وجاء به لحكم بلد كالعراق فأصبح بقائه قهراً وضياعاً لم تشهده دولة في العالم فلم تعد هناك فرص للتنمية والاستثمار العام وعدم توفر الخدمات العامة وتفشى الفساد وشاعت ظاهرة الرشوة وبمبالغ لا يتصورها العقل البشري وحلت المصلحة الخاصة للأفراد والأحزاب فوق مصلحة الوطن وسادت مشاريع النفع الخاص واستخدام الصلاحيات الممنوحة للأشخاص بدون رقابة حتى أفردت حالات لا تحصى من الفردية والأنانية وندرة القيم الأخلاقية وضياع فرص العدالة والتكافؤ والسلم الاجتماعي وهشاشة الشعور الوطني وانعدام الانسجام الجماعي بعد صدور أوامر القاء قبض على مسؤولين كبار في الدولة والآلاف من قضايا فساد عجز النظام وسلطته لمعالجتها وفق القانون مما أفقد الوطن وشعبه أي خطط آنية أو مستقبلية من شأنها تطوير الاقتصاد العراقي وتنفيذ خطط تنموية تهدف الى إسعاد شعبه حتى أصبح العراق يحتل مراكز متقدمة بين أكثر دول العالم فساداً وضياعاً وتخبط وتنفيذ برامجه لسياسات إقليمية ودولية لا يهمها أمر العراق حتى لو أحترق فعمدت الحكومة الى تكميم أفواه المنتقدين وإبعادهم عن مسرح الأحداث كل ذلك يجري أمام أنظار الشعب الذي يتظاهر في جميع محافظات العراق لكن دون جدوى مما يبعث إلى المستحيل في أي خطوة للإصلاح وبعدها لا ينفع العتاب ولا يجدي الندم فالنظام السياسي يزول والعراق الوطن باقي والسكوت عن الضلالة خيانة للوطن والدين وللإنسانية. الدكتور شاكر عبد القهار الكبيسي أوسلو