سعد قاسم حمودي.. ليس استذكاراً وإنما وفاء أحمد صبري كاتب عراقي في ثنائيَّة قلَّ نظيرها بَيْنَ السِّياسة والإعلام جمعها الراحل سعد قاسم حمودي في مشوار حياته كرَّسها في ميادين عمله في هذا العالم المضطرب والمتداخل بَيْنَ المفهومين. وشخصيَّة سياسيَّة وإعلاميَّة بارزة بحجم الراحل سعد قاسم حمودي ينبغي أن نتوقفَ عندَ محطَّات مضيئة في مَسيرة حياته الحافلة بالإنجازات على الصعيدَيْنِ السِّياسي والإعلامي. وما يُعزِّز الفخر بالأدوار والمُهِمَّات التي نهض بها الراحل على مدى نصف قرن أنَّه طبَع بصمة واضحة في عوالمه تحَوَّلَ فيها إلى أيقونة في الإعلام كما في السِّياسة ليس لا؟ فإنَّه من بيت عروبي وصحفي عريق، كان والده المرحوم قاسم حمودي صاحب أشهر جريدة في العراق هي (الحريَّة) كانت لسان حال العروبيين في مواجهة المدِّ الشعوبي في تلك الفترة. وعندما نتحدث عن قامة عراقيَّة تصدَّرت قائمة روَّاد الصحافة العراقيَّة والعربيَّة نُشير إلى أنَّه كان نقيبًا للصحفيين العراقيين لعدَّة دورات انتخابيَّة، ورئيسًا لاتِّحاد الصحفيين العرب لفترة طويلة. كما أنَّ الراحل شغل منصب وزير الإعلام، وبرلماني، ورئيس تحرير صحيفتَي الثورة والجمهوريَّة، فضلًا عن مواقع قياديَّة في قيادة حزب البعث العربي الاشتراكي. هذا الاستذكار لدَوْر ومَسيرة رجل نهض بمُهِمته في ميادين السِّياسة والإعلام حاول توأمة الدَّوْريْنِ عَبْرَ سلسلة من المواقع لخدمة العراق والدفاع عن عروبته واستقلاله، حَريٌّ بنا ونحن نتوقَّف عندَ محطَّات مضيئة في مَسيرته أن نذكرَه بالفخر والعرفان معًا. تعرَّفتُ على الراحل سعد قاسم حمودي عام 1977 عندما كان نقيبًا للصحفيين، كان يتميَّز بنزاهته وموضوعيَّته وحرفيَّته العالية كصحافي متميِّز، وسياسي كفؤ، وعاصَرتُه في أكثر من موقع، إضافة إلى النقابة واتِّحاد الصحفيين العرب، ومؤتمر القوى الشَّعبيَّة العربيَّة، وسافرتُ معه في عدَّة أقطار عربيَّة. كان الراحل حاملًا هموم العراق وقضيَّته، لا سِيَّما استمرار الحصار الجائر الذي كان مفروضًا على العراق، كان محاورًا مُقْنعًا، ولدَيْهِ الحجَّة في عرض قضية العراق ومخاطر العدوان عليه، وأكسبته هذه الميزة والوعي السِّياسي القدرة على استقطاب عشرات الشخصيَّات العربيَّة في الوطن العرب والمهجر عَبْرَ مؤسَّسة مؤتمر القوى الشَّعبي العربيَّة، هدفها الدفاع عن قضايا العروبة في العراق وفلسطين. ويتمتع المرحوم سعد قاسم حمودي بذاكرة جيِّدة، ويتدخل بأدقِّ التفاصيل في الاجتماعات، والتحضير للفعاليَّات النقابيَّة والسياسيَّة، إضافة إلى امتلاكه للحسِّ الصحفي الذي لَمْ تنلْ منه مهامُّه السياسيَّة والحزبيَّة، فكان حريصًا على إنجازها بشكلٍ يدعو للفخر. كما أنَّ تجربة الراحل في رئاسته لاتِّحاد الصحفيين العرب كانت غنيَّة بالإنجازات، وقد أعطى لهذه المؤسَّسة القوميَّة ثقلًا ودَورًا عربيًّا وعالميًّا بعد أن أصبحت بغداد مقرًّا للاتِّحاد. وعندما نتحدَّث عن مَسيرة صحفي وإنسان كبير مِثل سعد قاسم حمودي فإنَّنا نتوقَّف عندَ إنجازاته عندما كان رئيسًا لأكبر وأهمِّ مؤسَّسة صحفيَّة في العراق، وهي دار الجماهير للصحافة، التي تصدر صحيفة الجمهوريَّة ومجلة ألف باء، وصحيفة هاو كاري وملاحق متنوِّعة على مدار الأسبوع. وسيبقى الراحل سعد قاسم حمودي في ذاكرة الأجيال، كوكبًا مضيئًا في سماء العروبة، إنسانًا كرَّس حياته والمواقع التي شغلها لخدمة العراق والدفاع عنه، فمَسيرته كانت وستبقى عنوانًا للوفاء والاستذكار لقامة عالية ستبقى خفَّاقة، وغدَت منارًا للمتطلِّعين للحريَّة والتمسُّك بثوابت العمل القومي العربي.