رحلة في ذاكرة العراق عبر شهادات تأبى النسيان أحمد صبري يؤرخ لمرحلة كانت حداً فاصلاً بين مرحلتين، ويفتح مغاليقها الغائبة عن الرأي العام عبر شهود عيان أدلوا بشهاداتهم وثقوا فيها هذه المرحلة التي وصفت بأنها زلزال أصاب المنطقة والعالم من فرط تداعياته المتواصلة منذ عشرين عاماً وحتى الآن. إنه كتاب/ الهمجية في شهادات غزو العراق واحتلاله في حوارات مع المؤلف الصحفي سلام مسافر/الذي أشهره في العاصمة الأردنية/ عمان قبل أيام بحضور حشد من النخب العراقية والعربية. وتنبع أهمية الكتاب من كونه وثيقة تاريخية سلطت الضوء على أبرز محطاتها بلسان من عاصروها دونها ووثقها مسافر عبر مقابلات حصرية احتوت على وجبة دسمة من المعلومات كانت غائبه عن الجمهور التي أحاطت بقرار الغزو والاحتلال لتنوير الرأي العام بما جرى وكشف المستور لاسيما مواقف بعض القوى العالمية والاقليمية والعربية ويحتوي الكتاب على ستة فصول غطت الحدث من جميع جوانبه لأنه قلب المنطقة وعكس مأساوية ومخاطر هيمنة القطب الواحد على النظام الدولي ومؤلف الكتاب سلام مسافر صحفي عراقي معروف يمارس العمل الصحفي منذ أربعين عاما منتقلا بين أبرز وسائل الاعلام العراقية والعربية والأجنبية ومعروف في مهنيته وتميزه في مسيرة حياته وقدم هذا الجهد لمناسبة الذكرى العشرين لغزو واحتلال العراق وجال المؤلف بحسه الصحفي المهني في تضاريس ذاكرة من التقاهم ليوثق ويفك شفرات واسرار مرحلة كانت من اشد فترات الاثارة في تاريخ العراق والمنطقة والعالم وما حدث وكيف تعاطى العراق وقيادته مع التهديدات التي سبقت الاحتلال وأبرز صناع القرار الذين عاشوا تفاصيل ما حدث وجرى من دون مبالغة هدفها وضع الحقائق في مسارها الصحيح لخدمة الباحثين والمهتمين بتاريخ العراق وما شهده من وقائع وازمات وتحولات تتطلب سبر اغوارها التي باتت من اهتمام الراي العالم وتكشف الشهادات التي دونها المؤلف في فصلها الأول عن عرض روسي للقيادة العراقية قبيل الغزو وهو العرض الذي رفضه العراق/القاضي بتنحي الرئيس صدام حسين عن السلطة في إطار تسوية شاملة / الذي اعتبرته القيادة العراقية بانها رسالة أمريكية صهيونية ويروي شاهد حي في فصل آخر تفاصيل زيارة طارق عزيز الى موسكو قبيل الغزو الذي كان يحمل رسالة من صدام الى بوتين/ ان عزيز انتظر لمدة يومين من دون ان يلتقي الرئيس الروسي بوتين الامر الذي اثار غضب عزيز ومزق الرسالة امام موظفي المراسم الروسية وخصص المؤلف حيزا في تفاصيل لقاء الرئيس صدام مع وزير الدفاع الأمريكي رامسفيلد خلال اسر صدام في السجن فضلا عن اختراق المخابرات العراقية للبنتاغون وتفاصيل معركة المطار كما افرد المؤلف جانبا من محاكمة صدام واعدامه وكيف واجه لحظات استشهاده عبر شهادات حية ممن كانوا قريبين من ذلك المشهد الذي ما زال عالقا في الذاكرة الشهادات التي وثقها المؤلف عبر عسكرين وقضاة ومحاميين وناشطين وسياسيين هي محاولة لكشف اسرار ما جرى برؤية واضحة المعالم بلسان من كانوا في قلب الحدث وتداعياته لكشف المخفي والمستور من كارثة احتلال العراق. الكتاب وثيقة حية تأبى النسيان جدير بالقراءة والتأمل لأنه يجيب على أسئلة مهمة كانت غائبه عند الكثيرين من المهتمين بالشأن العراقي قبل وبعد الاحتلال ليرسم صورة واضحة الألوان لمشهد تداخلت فيه الألوان بات من الصعب التمييز بينها جاء الكتاب ليوضح الصورة واتجاهاتها في تضاريس ذاكرتهم.