موسم السرقات المزدهر بعد أن طفح الكيل: أين الأجهزة الأمنية لتتحرك! نبيل الزعبي نؤكد ، وعن سابق عِلمٍ وتصوُّر وغير مخطئين، أن الاجهزة الامنية في لبنان ، تمتلك من القدرة الاستخباراتية واللوجستية في معرفة ، حتى دبيب النملة ، على الاراضي اللبنانية ، وتشهد لها خبراتها المتراكمة في كشف الجرائم وما استُعصِي منها كشفه ايضاً بفضل الجنود المجهولين في هذه الاجهزة ومكوناتها العسكرية والادارية التابعة للقوى المسلحة اللبنانية ونخص هنا مخابرات الجيش وفرع المعلومات واسبقيتهما في ملاحقة الشاردة والواردة في كل ما يتعلق بالأمن وما يتهدده من اعمال لا تقتصر على كشف شبكات التجسس او الجرائم الكبرى التي تهدد الامن الوطني وحسب ، وإنما في الأمن الإستباقي ايضاً ومسؤوليتها عن كشف ما يحصل من سرقاتٍ تعم الاراضي اللبنانية هذه الايام واغلبها يطال المنشآت العامة والخاصة بالشكل الذي يجد فيه اللصوص انفسهم في غاية الراحة والامان عندما يسرقون مكاناً عاماً على سبيل المثال فلا تطالهم الملاحقة فيعاودون استكمال سرقتهم للمكان اياه بعد ايام قليلة بكل طمأنينة واعصاب باردة وهذا ما يحدث وللأسف في اكثر من مكان حيث تتكرر السرقات ويعاود اللصوص اعمالهم بينما من المفروض من الاجهزة المختصة ان تتحسب لذلك وتنصب الكمائن حيث ترى ضرورة لذلك . قد نفهم ان الاجهزة تجد صعوبة في كشف وملاحقة مرتكبي الاحداث الفردية التي تحصل في جنح الظلام ويتخللها سلب هذا المواطن وذاك بالترهيب والسلاح ، ونقول وللأمانة ان الاجهزة لا تفوّت اي فرصة الا وتقوم بواجباتها حتى في هذه القضايا الصغيرة ولكن ، ما لا نفهمه هو كيف تمر سرقات كبرى لمؤسسات ومنشآت عامة وخاصة وعلى الطرقات ويجري خلالها فك ابواب الحديد والشبابيك واجهزة التبريد والكابلات الكهربائية والطاولات والاجهزة ومضخات المياه والواح الطاقة الشمسية وغير ذلك مما تطالعنا به النشرات الامنية الداخلية كل يوم ، ومع ذلك ، تبقى تلك السرقات مجهولة السارق وغير معروفة الجهة التي تحولت اليها حيث انه من المستحيل على اللصوص ان يحتفظوا بها لنفسهم لو لم يكن لديهم مرجعاً يشتري منهم المسروقات بأبخس الاثمان ، وهنا مربط الفرس الذي نتوجه من خلاله الى الاجهزة الامنية ونحن نضيئ على ظاهرة السرقات المتفشية هذه الايام لنسألها وهي صاحبة الباع الطويل في خبراتها الامنية : هل يصعب عليكم احصاء اماكن بيع الخردة في لبنان التي تذهب اليها هذه المسروقات، وهل خَطَرَ على بالكم الى اين سيذهب الحرامي بأبواب وشبابيك الحديد المسروقة التي تزن بالأطنان وكم من محلات للخردة تتعاطى بالأشياء المستعملة وكلها موجودة في مختلف المناطق ومن السهل معرفتها ومراقبتها او تهديدها بغية اجبارها على التعاون معها في المساعدة على كشف من يسرق واين تتجه المسروقات ومن الشاري وذلك من أسهل الامور وأيسرها ايضاً. قد نفهم ان مواطناً سرق بسبب عجزه عن شراء علبة حليب او ربطة خبز لعياله، وهذه ظاهرة متوقعة في كل لحظة مع تدهور الوضع المعيشي الاقتصادي وتفشي الفقر والجوع بين اللبنانيين مما يفرض على الدولة معالجة ذلك بتعميم برامج الامان الاجتماعي للمستحقين ، كما ان المجتمع المدني برمته مُطَالَب بالوقوف على هذه الحالات والمساعدة بكل ما يجب ان تقتضيه مشاعر الانسانية من القادرين على مد يد العون والمساعدة ، ومناشدة اللبنانيين المغتربين في الخارج ان يسندوا اهاليهم في الداخل ، كلُّ في نطاق الدائرة القريبة اليه على الاقل ، والتأكيد على تعزيز شعائر التعبُّد للخالق والرأفة بعباده وما تتضمنه من اعمال الخير و الزكاة والصدقات التي تتوجه بحسناتها مرضاةً الى الخالق عز وجل مباشرة وترجمتها العناية والرحمة بعباده المحتاجين ، غير ان ما لا نفهمه ان تنتشر عصابات منظمة من اللصوص تستهدف في عملياتها خطوط التوتر العالي للكهرباء ومنشآت المياه وتمنع خدماتها عن الناس، وتسطو تحت جنح الظلام على المدارس والمكاتب وتعطيل العمل فيها وهذا بحد ذاته يُعَدّ من الجرائم الكبرى التي تطال المجتمع وتهدد امنه واستقراره ، ومعالجته من شأن الدولة مجتمعةً بأجهزتها ومؤسساتها وشعبها . ان المخافر والنيابات العامة على طول الاراضي اللبنانية وعرضها على اطّلاع تام على كل ما يجري من تجاوزات وانتهاكات لحرمات الممتلكات العامة والخاصة بفضل ما يردها يومياً من شكاوى في هذا المجال وبالتالي لا يعود من المستحيل على الاجهزة الامنية كشف هذه العصابات وملاحقتها بجرم الاعتداء على المال العام والتشهير بهم وكشف الجهات التي تشتري منهم او الاخرى التي تشجعهم على ذلك سواء كان هذا داخل الحدود او خارجها. لقد طفح الكيل وصار من شبه المستحيل ان يترك المواطنون املاكهم وارزاقهم تحت رحمة من يستهترون بالأمن ويأمنون الملاحقة والحساب العسير، ومن الخطورة بمكان ان يلجأ كل مواطن الى الامن الذاتي للدفاع عن مصالحه الخاصة، اللهم الا إذا بقيت الاجهزة على تجاهلها ودفعت الناس دفعاً الى تحصيل حقوقهم بأيديهم وهذا ما نراه سلوكاً لطريقٍ آخر لا ترتضيه الاجهزة ولا الدولة ولا القوانين والناس.