البعث حزب الضرورة نبيل مرتضى لا بد أن يقتنع الناس أخيراً بأن بعث الأمة أكثر جدية مما تظن، وأنه لا غنى له عن جميع الشروط التي تقتضيها قوانين الحياة لنجاح حركة أصيلة، ولو كان إصلاح حالنا سهل التحقيق لما كنا بحاجه إلى الإصلاح، ولو كانت كثرة الناس قابلة لأن تفهم الحق بسهولة وتعمل به لما كانت بحاجة من يدعوها إليه، ولو كان الأشخاص المستسلمون للواقع السعداء به المنتفعون منه صالحين لحمل لواء الثورة عليه لما حصل تاريخ البشر ثورات ولما كان للبشر تاريخ. لهذا كان من الضروري وجود منقذ لهذه الأمة لأنها صاحبة رسالة تاريخية على يدها فتحت بوابة النور إلى العالم أجمع، لأن الأمة بها ظمأ شديد وبها استعداد عميق لتقبل الكلمة الصادقة مهما كلفها ذلك من جهد لفهمها وألم لتحملها، إنها بحاجة إلى الكلمة التي تصدر عن الحب فترتفع فوق الجبن والطمع، وهنا يمكن الإشارة إلى ما ذكره الرفيق أحمد ميشيل عفلق رحمه الله (الكلمة الطيبة لا ترضي كل الناس بل مهمتها أن تقسم الناس إلى شطرين تفصل بينهما حدود حاسمة ولئن كان في مخاصمك قسم من الناس خسارة ظاهرة وصعوبات وملاعب، فما ذلك إلا الثمن العادل لكسب أنصار حقيقيين الذين يقدمون حياتهم على خدمة الفكرة لأنهم يرون فيها معنى حياتهم). كانت الأمة في مرحلة التأسيس ضعيفة الثقة بنفسها لذلك منحت ثقتها سهلة رخيصة لأي فرد كان يتقدم لخدمتها ويدعي تمثيل إرادتها والقدرة على تحمل هذه الإرادة. كان أهم شيء في ذلك الوقت الهوة الواسعة بين آمال الأمة المشرفة وإمكانيتها الغنية وبين عجز القيادة وتقصيرها إلى نزع الثقة من كل من يتصدى للقيادة وإلى التشكيك في مقاصد كل من ينبري للعمل العام. وهنا يذكر القائد المؤسس (سيذكر الشعب أن حزب البعث وجد في الوقت المناسب والظرف العصيب يرجع بأسلوبه النضالي المثالي إلى الأمة ثقتها بنفسها بأفرادها وليشع بفكرته الانقلابية الإيجابية الشاملة لكل من يلبي حاجاتها دون مراجعة أو انحراف دونما جمود أو جحود). يدرك أبناء أمتنا المجيدة أن حزب البعث هو الصخرة المثبتة الوحيدة في وسط هذا البحر الهائج أو هذه الرمال الواهية المضطربة وإن بقدر ما يحتفظ بمكانه وتماسكه وفعاليته وقدرته على إدراك الحوادث والتأثير فيها. البعث يعتبر هو نقطة الارتكاز لنهوض هذه الأمة، وقد مثل فعلاً حزب البصيرة التاريخية النافذة حيث كشف قوانين النضال العربي المعاصر برؤيه علمية ثورية كشف الأحداث التاريخية صحتها. كما أن الحزب العربي الوحيد الذي استطاع الوصول إلى السلطة في أكثر من قطر عربي ولأكثر من مرة كتعبير عن الجذوة الثورية المتأصلة به. إضافة للمشاركة في تحقيق أول وحدة عربية في التاريخ العربي المعاصر، كما كان الحزب العربي الوحيد الذي شارك في المعارك التحررية العربية خاصه معارك المواجهة مع الكيان الغاصب. كما تتجلى عظمة البعث وشموخه في عراق العروبة بقياده الرفيق الشهيد الخالد صدام حسين من خلال الصمود الأسطوري من نوعه في وجه الغزو الإيراني التوسعي. إن تجربة حكم البعث في العراق كانت عنوان شهادة صدق للمبادئ وتحويل المعرفة إلى ممارسة حية في الحكم كما يقول القائد المؤسس (المعرفة لا تكون صحيحه إلا إذا اقترنت بالعمل). حرصت قياده الحزب في العراق على الاستقلال السياسي وكان من خلال بناء جيش وطني قومي مؤمن بالعقيدة القومية الجهادية وأنه مستعد للدفاع عن حدود الوطن كافة من المحيط إلى الخليج وشارك بحرب تشرين على الجبهة السورية وفي الوقت نفسه على الجبهة المصرية، واشترك في حرب السودان ضد الانفصاليين ووقف بكل قوة ضد غطرسة السنغال ضد أشقائنا في موريتانيا. وتم تأمين الجبهة الداخلية من خلال تصفية كل شبكات التجسس التي كانت تعمل بكل حرية في العراق، والقرار التاريخي بإعلان الحكم الذاتي للأكراد باعتبارهم شركاء في الوطن. أما من حيث الاستقلال الاقتصادي فتم تحويل شعار نفط العرب للعرب وشعار النفط سلاح في المعركة وتم تأميم النفط وحولت كل مداخيله لبناء العراق وإقامة مشاريع قومية في كل الوطن العراقي وكل المشاريع التي كانت تقام في العراق كانت تحمل بعداً قومياً وفتح العراق أبوابه أمام العمالة العربية لحدوث نهضة في كافة المجالات بسواعد عربية، لهذا قال القائد المؤسس: (صدام حسين هديه البعث للعراق وهدية العراق للأمة العربية)، وأصبحت الصحة والتعليم متاحة لجميع المقيمين في العراق. هذا هو البعث العظيم، إن تجربته الرائدة في العراق ما زالت تعتبر الضمانة للأمة لأنها ما زالت حية في ضمائر وعقول أحرار العالم. فكلما كثرت المؤامرات على حزبنا نتأكد بأننا مازلنا على الطريق الصحيح لتحقيق الأهداف. في خطاب القسم للشهيد الخالد صدام حسين قال: لن أدعوكم إلى فعل شيء لن أفعله بنفسي، فكان صادقاً وباراً في قسمه عندما قدم أولاده وحفيده قرابين للوطن، وهم يقامون الغزاة، وقدم نفسه رخيصة من أجل العراق وفلسطين، نعم هذه الصورة الحقيقية للبعث، وقدم البعث خيرة مناضليه وهم يتصدون للعدوان الصهيوني الصليبي الصفوي. وتعرض قيادات الحزب إلى الاعتقال والانتهاك الجسدي والنفسي دون أن ينالوا من عزيمتهم. ومع هذا نعتبره اختباراً لثبات معادن الرجال ..... ولهذا كان ومازال مناضلو البعث مشاريع للشهادة والتضحية لأجل المبادئ.