سمفونية (الصقور والحمائم) في الاستراتيجية الايرانية، مغالطة كبرى متى تنتهي؟ د. أبا الحكم يتحدث البعض عن وجود تيارين يتصارعان في ايران، اطلق عليهما الصهيوني منظر السياسة الخارجية الأمريكي هنري كيسنجر منذ سنوات تسمية (الصقور) و (الحمائم) . واراد كيسنجر من هذه التسمية ان يسهل باسلوب غامض طريقة التعامل مع هذا النظام على وفق استراتيجية امريكية- صهيونية بعيدة المدى هدفها اطالة أمد التعامل مع نظام طهران ولغايات تتعلق بتقسيم المنطقة العربية وتفتيتها ومن ثم إعادة تشكيلها من جديد لتتلائم مع اهداف امريكية واسرائيلية ، بعد إنهاء القضية الفلسطينية . والفكرة الكيسنجرية هذه تقول بأن دعم التيار (الإصلاحي) بالضد من التيار (المتشدد)، يُمَكِنْ التيار الاصلاحي من السيطرة على نظام الحكم في طهران بدون استخدام القوة والتدخل الخارجي .. هذه الفكرة تحتل الاولوية في المغالطة والمخادعة الايرانية ، لأن عدداً من الاهداف تكمن خلفها وبالتوافق السياسي (الإيراني- الامريكي) ، فيما يتحدث البعض عن حقيقة وجود هذين التيارين ويتجاهل الحقيقة وهي ان النظام الايراني هو الذي صنع هذه الاستراتيجية وهو الذي جمع فيها بين (صقور) و (حمائم) ليتم التعامل الخارجي مع النظام من هذا المنظور، وبالتالي تصب النتائج في مصلحة النظام الفارسي وتديم تعامله الخارجي . هذا البعض يخطأ حين يتصور ان وجود هذين التيارين يمثلان حقيقة النظام في طهران، ويخطأ حين يظن بأن هناك تياران يتمتعان بحرية الصراع الحقيقية داخل النظام الايراني، كما يحصل في الغرب وامريكا، ويخطأ عندما يظن ان في داخل منظومة الحكم الخمينية- الخامنئية مثل هذين التيارين على الاطلاق.. ولكن حقيقة الأمر ان النظام الفارسي هو الذي هندس صناعة هذين التيارين في تخطيط استراتيجي للسياسة الخارجية الفارسية لغرض تسويقها وتصريفها على محيطها القريب والبعيد .. وما تزال هذه الاستراتيجية الفارسية قائمة حتى اليوم .. تظهر ملامحها وتغيب احياناً وحسب معطيات الاوضاع السياسية الاقليمية والدولية .. فلا يجوز ان يلوي احدهم هذا المفهوم ، الذي كرسه النظام الفارسي في استراتيجيته منذ عام 1979 ولحد الآن .. الأمر الذي يستوجب الإنتباه إلى المفاهيم وكيف يتم التلاعب فيها وتجنب السقوط في شراك الافكار التي روجها هنري كيسنجر منذ عدد من السنين . ويطلق على التيارين تسميات مثل (الاصلاحيين) و (الراديكاليين) أو (الاصلاحيين) و (المتشددين) أو (الحمائم) و(الصقور) .. ولكن من هم الحمائم ومن هم الصقور على ارض الواقع في النظام السياسي الفارسي؟ هل ان (جواد ظريف) الذي عين وزيراً للخارجية هو من الحمائم كما يطلق عليه؟ كلا، فهو جنرال في استخبارات الحرس الثوري الايراني .. وهل ان (حسن روحاني) الذي عين رئيساً للجمهورية السابق هو من الحمائم كما اطلق عليه؟ كلا ، فهو جنرال في استخبارات الحرس الثوري الايراني .. وهل ان (ابراهيم رئيسي) الذي عين رئيساً للجمهورية الحالي هو من الحمائم كما يطلق عليه؟ كلا ، فهو احد قضاة في استخبارات الحرس الثوري الايراني.. وهل السفير الايراني (اريج مسجدي) والذي جاء بعده سفيرا في بغداد والسقير الايراني في بيروت وصنعاء وغيرهم في عواصم عربية واجنبية هم من (الحمائم) ، كلا ، إنهم جنرالات في الحرس الثوري الايراني، وتلك هي سير حياتهم فليذهب هذا البعض اليها لكي يطلع ولا يخلط بين المفاهيم والحقائق .. موقع قاسم سليماني وقاأني على رأس استخبارات الحرس الثوري الايراني وقيادتهما لفيلق القدس هو موقع (الصقور) لأنهما يمارسان فعل المليشيات المسلحة وفعل الاستخبارات الخارجية بكل ابعادها السوقية ، فماذا عن ظريف وروحاني ورئيسي، فمواقعهم تستوجب فرض صفة (الحمائم) وهم جنرالات. . فهل يعلم هذا البعض هذه المقاربات؟ وهل يعلم ان (وزارة الدولة للتخطيط الثوري) التي ابتكرها بازركان في حكومته هي الجهة التي تخطط للسياسة الخارجية الايرانية .؟ اذن .. النظام السياسي في طهران قد رسم استراتيجية السياسة الخارجية الايرانية وتتضمن تصنيف القوى 1- تيار الصقور 2- تيار الحمائم ، وعلى هذا المنوال يتم الترويج اعلاميا وسياسيا واستخباراتيا في شكل مغالطة كبرى تبنتها امريكا بالتوافق السياسي وعمل عليها الغرب البراغماتي وبقية قوى العالم الذين خدعوا بهذا الثنائي الوهمي الذي يسمونه الصقور والحمائم والاصلاحيون والمتشددون ، فيما الحقيقة الناصعه، ان هذه اللعبة يديرها نظام ثيوقراطي دموي لا يؤمن بالديمقراطية ولا بحرية الرأي ولا بالعدالة والمساوات وفي دستوره ما يؤكد على أن المرشد صاحب القرار المطلق هو ظل الله على الارض.!!