سلام الشماع: الحياة تليق بك أحمد صبري لم أتوقع أن يختم أخي العزير سلام الشماع مشوار علاقتنا المتواصلة منذ أربعين عاماً برحيله المفاجئ الذي أوجع قلوبنا أسفاً على قلم وطني معطاء لم تنل من عزيمته سنوات الغربة ومعاناتها، وبقي صامداً ومناهضاً لارتدادات الاحتلال الغاشم وعمليته السياسية. تعرفت على أبي زمن عام 1977 عندما كنا ضمن وفد صحفي كبير لزيارة محافظة البصرة وميناء البكر للاطلاع على تطور المدينة والمشاريع النفطية والتنموية وحللنا ضيوفاً على شركة نفط البصرة، خلال جولاتنا أبهر الراحل سلام رغم صغر سنه الجميع بثقافته واطلاعه وشخصيته المتميزة وعلاقته بالآخرين ما نال إعجاب وتقدير الجميع. وليس بعيداً عن ذلك التاريخ فقد التقينا مجدداً في جريدة القادسية عام 1983خلال الحرب العراقية الإيرانية، وجلنا خلال سنوات الحرب معاً على مواقع القوات العراقية في جبهات القتال لإبراز دورها في حماية الوطن ومواجهة المشروع الإيراني الذي كان يستهدف العراق ومستقبله وعروبته. كنا معاً في أغلب هذه الجولات على جبهات القتال، لم يخف أو يتردد في زيارة أي موقع ينبغي تسليط الضوء عليه ونسج علاقات ودية وأخوية من الجنود والضباط والآمرين من فرط شجاعته وشخصيته المحبوبة. وعندما انتهت الحرب العراقية الإيرانية التقينا مجدداً عام 1988 في مجلة ألف باء حيث تعمقت علاقتي بأخي سلام وكان دوره في المجلة متميزاً من خلال التحقيقات الاقصائية والمواضيع النقدية، نال خلالها إعجاب كل من عرفه، وكان عوناً للصحفيين الشباب في المجلة ورافداً معيناً لهم. وحتى لا أتوقف كثيراً عند المحطات المضيئة في مسيرة علاقتي بقلم مشرع وإنسان نبيل وهي شاخصة للجميع ينبغي أن أسلط الضوء على محطته الأخيرة في فضاء غربة الوطن ففيها لمع الشماع عنواناً للموقف الوطني الذي كرس قلمه لتسليط الضوء على ارتدادات الاحتلال وسبل تحرير العراق من قيوده وقوانينه الاجتثاثية، فلم يهادن أو يتوقف مداد قلمه الرشيق، فجال في فضاء العمل الوطني من البحرين إلى عمان وسوريا ودول أخرى. فمحطة الشماع الأخيرة كانت عند مقهى الفوانيس بعمان، وهي ملتقى للعراقيين حولها / أبا زمن/ بخبرته وثقافته وحسه الوطني إلى منبر للنخب العراقية التي اكتوت بنار الغربة، فتحولت هذه المقهى إلى محطة لفضاء عراقي لعب فيه الشماع دوراً في تعزيز العلاقات بين روادها عبر شخصيته المسالمة والمحبوبة والمعتدلة. أبا زمن أنت اسم وعنوان وعلم سيبقى في ذاكرة المتطلعين إلى وطن من غير غربة بعد أن يتحرر من غاصبيه. أختم بالقول/ الحياة تليق بك أخي العزيز سلام الشماع... نم قرير العين وارقد بسلام.