في رحاب أيام العشر من ذي الحجة زينب علي في هذه الأيام المباركة أيام العشر من ذي الحجة، أيام الحج إلى بيت الله الحرام في مكة المكرمة، من المناسب جداً أن نقف مع اختيار الله لهذا المكان الطاهر، واختيار الله للبيت ولإبراهيم (عليه السلام) ليبني البيت، وليطهر البيت، وليدعو الناس إلى الحج إلى هذا البيت، وليتولى خدمة الوافدين إلى البيت؛ لنتأمل اختيار الله لمعالم الهداية للناس، والعلاقة بين إبراهيم والبيت الحرام، يقول الله سبحانه وتعالى: {وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي قَالَ لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ}، أتى لإبراهيم (عليه السلام) ابتلاء إلهي في قضايا معينة يأمره الله أن يقوم بتنفيذها، قد يكون منها ابتلاء الله له بذبح ولده إسماعيل (عليه السلام)؛ فكان أن نجح إبراهيم في ذلك الابتلاء . ومثلما يختار الله أئمة للناس منهم؛ فإنه يختار أماكن يفضلها، ويجعلها محط بركته، ويجعلها معلماً من معالم هدايته قال تعالى: {إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكاً وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ}. ولتأكيد العلاقة بين إبراهيم (عليه السلام) والبيت الحرام يقول الله تعالى: {وَاتَّخِذُواْ مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} ليستشعر الناس وحدة المسيرة الإلهية، وأننا لا زلنا نمضي على خط إبراهيم وغيره من الأنبياء، ولأهمية الارتباط بالهداة وبآثار الهداة يأمر اللهُ الإنسانَ المسلم أن يزور مقام إبراهيم الذي هو عبارة عن (حَجَر) فيها آثار أقدام إبراهيم، بل يأمر الله بالصلاة عند ذلك الأثر ليتحقق الارتباط الروحي بإبراهيم ومنهج إبراهيم (عليه السلام)، ولكراهية إبراهيم للكافرين يريد من الله أن يرزق المؤمنين فقط، ولكن الله يجيبه بأنه سيرزق حتى الكافرين منهم، لكي يتحقق الأمن في جوار بيت الله للوافدين إليه، وكذلك القرآن يخبرنا أن الله رزق كفار قريش رغم كفرهم لتحقيق الاستقرار الأمني للوافدين إلى بيت الله فقال تعالى: {لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ. إِيلَافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاء وَالصَّيْفِ. فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ. الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ}. باركَ الله لي ولكم في القرآنِ العظيم، ونفعنا بما فيهِ من الآياتِ والذكرِ الحكيم، إنّه تعالى جوادٌ برٌ رؤوفٌ رحيم.