أحمد ميشيل عفلق: باحث مفكر وفيلسوف واقعي الأستاذ الدكتور كاظم عبد الحسين عباس/ أكاديمي عربي من العراق لم يؤسس الأستاذ أحمد ميشيل عفلق حزباً سياسياً تقليدياً بل أسس حركة تحرر وتنمية وتطور وتقدم عربية، ستبقى تحفر في أحجار جبال العرب وصحاريهم ومزارعهم ومدارسهم وجامعاتهم ومصانعهم لينبع ماءُ الحياة وتدوم شرايينها وتتألق آفاقها مزدهرة يانعة مستبشرة عاشقة جذلة لا ينالها القنوط ولا يكبلها اليأس مهما طال الزمن. لقد ولد البعث كنتاج لجملة بحوث ودراسات نتج عنها مسارات للنهوض بواقع الأمة، فكان مسار الوحدة هو نتاج بحث وتقص ومعايشة حية يرافقها تفكير وتدبر لواقع التجزئة الذي فرض على الأمة بعوامل وأدوات خارجية. الوحدة العربية ليست ترفاً نظرياً ولا فكرة ميتافيزيقية، بل هي ليست فكرة أصلاً، بل هوية الأمة وأساس وجودها، والتجزئة حدث عارض لا بد له أن يزول، كمثل حدث اغتصاب فلسطين، وكمثل حدث غزو العراق واحتلاله كليهما يحمل عناصر سقوطه وموته إن عاجلاً أو آجلاً. هدف الوحدة لا يجد فراقاً ولا نأياً ولا تعارضاً مع أية ذات عربية، لأنه يحقق مصالح الذات العربية كلها، ومن هنا تتشكل وحدانية الصلة بين أحمد ميشيل عفلق المفكر الباحث الاستراتيجي وبين أحمد ميشيل عفلق الإنسان العربي. وتجد الوحدة العضوية بين الوحدة التي نظر لها الرفيق أحمد ميشيل عفلق وبين الفكرة القومية في بعديها الإنساني المرتبط جدلاً بالحرية والديمقراطية وبين البعد التنموي المادي المتمثل بالاشتراكية، هذه الوحدة العضوية الجدلية بين أهداف البعث جعلت من الرفيق القائد المؤسس وفكره وبحوثه وفلسفته رائداً في اكتشاف أو ابتكار البلسم والأكسير الذي يداوي كل جراح الأمة ويحتوي كل حاجاتها وتطلعاتها. أهداف البعث ليست شعارات، بل هي نتاج المعمل التجريبي الميداني الذي كان يركز ونذر نفسه لتشخيص عاهات الأمة وإنتاج العلاج الشافي، وهو المعمل الذي افتتحه الرفيق المرحوم أحمد ميشيل عفلق ورفاق الرعيل الأول من البعث، وسار عليه المطبقون والمجددون من ثوار الأمة في عديد أقطارها، شعارات البعث هي ثورة الذات القومية على الذات القومية، ثورة الشق الواعي المتفهم المدرك لحاجات الدولة العربية الكبرى، أي للذات القومية الكبرى على الشق أو الجزء الذي استكان لعوامل الاستكانة. لقد لخصت سطور الأوراق البحثية العبقرية سمات الأمة في حالتها الراقية الخارجة من حفر التخلف والتجزئة فرسمت ملامح قوميتنا الثائرة على ذاتها لتحقق وتعيد تحقيق الصلة بالإنسانية مادياً وروحياً وجعلت من الحب والسمو والنقاء والصفاء والشجاعة وصناعة عهد الطفولة التي منها يصنع عهد البطولة لتفتح الطريق أمام العقل العربي ليستنتج ويبني نظرية العمل البعثية، ويحدد الصلة بين المادي والروحي في حضارة العرب المنشودة.