هكذا تبدو الصورة الآن الرفيق منير عبد الكريم حقاً إنه امتحان عسير وبلاء كبير ذلك الذي جرى على العراق، منذ غزوه واحتلاله وتسليم مقدراته إلى أكثر الأعداء حقداً عليه وكراهية له، وما سبق ذلك من حملات إعلامية ظالمة تبنت كل المفتريات والتلفيقات والاكاذيب لتسويغ ذلك الفعل الشائن الجبان فانساق خلفه، طوعاً أو كرهاً أو أملاً في منفعة رخيصة من ضعاف النفوس وعديمي الشرف، وبلغ الأمر بالتافهين إلى وصف جريمة الغزو بـ(تحرير العراق) من دون خجل أو حياء. وكان من نتائج ما جره الاحتلال أن اختلطت الأوراق وغابت قيادته واختلطت المفاهيم وانطلقت الاجتهادات وطالت الألسن بالآراء والتبس على الناس الحق الذي يراد به الحق والحق الذي يراد به باطلاً. أمام هذا كله كان هناك استثناء مشرف مثله رجال وقفوا بصدق مع أنفسهم ومع مبادئهم لم تهزهم عواصف الإعلام المسموم ولا جبروت المحتل ولا أحقاد أذنابه الفاسدين، لأنها الأمانة التي تربى عليها العراقي الأصيل وعاهد الله ثم نفسه وأبناء شعبه على الحفاظ عليها وكان جديراً بحملها لأنه سبق أن مرت عليه ظروف صعبة، خلال مسيرة حياته، ولم يبدل تبديلاً. على جانب آخر فينا من خدع وفينا من ركن إلى الذين ظلموا لحاجة في نفسه لم تمنعه من التلون وتغيير جلده واستخدام الأقنعة ليغرر بالبسطاء وأصحاب النيات الحسنة ويمثل دوراً محسوباً على الوطنية، وذلك كله لم يغير شيئاً من الحقيقة التي استقرت في النفوس الصادقة التي لم تثلم وطنيتها ولم تعرف المجاملة على حساب الحق. اليوم تبدو الصورة أكثر وضوحاً، فبعد كل ما كرهناه منذ قرابة العقدين وبرغم المآسي كلها نرى فيه خيراً وأملاً كبيراً، فالموقف الجمعي للشعب العراقي واحد في إدراك من هو الجدير بقيادة العراق، وهو موقف حشر العملاء الفاسدين في أضيق الزوايا واحطها مع من انكشف أمره وبانت حقيقته ممن أهملته مسيرة الشعب العظيم الذي عرف من خلال التجربة القاسية من هو القادر على إنقاذه وبعث أمجاده. اليوم، يكبر الأمل، بعد الله سبحانه وتعالى، بالوطنيين الأحرار والمناضلين الشرفاء المجربين نزاهة وخبرة وكفاءة ممن يمثلون بحق روح الشعب وإرادته.
