البعث تضحية وتجسيد الانتماء الأصيل للامة. الثائر العربي قدّم أبناء الأمة العربية قوافل من الشهداء من أجل تحقيق أهدافهم الكبرى، وأبدعوا دروساً من البذل والعطاء دفاعاً عن حاضر أمتهم ومستقبلها، ومثّلت الشهادة ينبوعاً ثرّاً في المسار التاريخي لنضالهم باعتبار أنها أضحت خلوداً يصنع الغد المأمول وقيمة لا تعلوها قيمة. فمنذ فجر الإسلام قدّم الأبطال التضحية تلو الأخرى في سبيل نشر الرسالة الإسلامية الحضارية، تحمّلوا المشاق، وواجهوا الجيوش الجرّارة الفرس والروم، ولم يستسلموا حتى تحقيق النصر أو الشهادة، دفاعاً عن الأرض، فجسّدوا بتضحياتهم انتماءهم الأصيل لأمة الرسالة الخالدة عندما يتعلق الأمر بالقضايا الإيمانية فإن جميع المفردات تصبح مقدسة، فالتلاعب بالأرض "كفر"، والخروج عن الصف "جهالة"، وحينما يحاول البعض تدنيس المقدس: (الهوية ــ الانتماء ــ القيم)، علينا استنفار طاقاتنا دفاعاً عنها.فهذه المقدسات هي جوهر وحدة الأمة، وهذا الجوهر متحقق بالقوة وبالفعل، والدليل على تحققه بالقوة وجوده في قلوب وعقول وسلوك أبناء الأمة العربية، كما أن الدليل على تحققه بالفعل هو ذلك التجسيد الذي يظهر في أنحاء الأرض العربية كافة تعبيراً عن المشاركة في المصير والهدف والألم والاستعداد للتضحية من أجل أي قطر عربي يتعرض للعدوان، والإيمان بالجماهير هو من الإيمان بالله و"قوتان لاتقهران: قوة الله وقوة الشعب، أما التاريخ فهو المنهل الأهم لقدسية وحدة الأمة، وهو الذي يصنع الشهادة، فهي الميزة الأكثر عمقاً التي تتميز بها أمتنا العربية عن بقية الأمم، باعتبارها أمة صنعها الشهداء، صنعها من ضحوا بأرواحهم، فاستحقت بذلك لقب "أمة الاستشهاد"، فالشهادة هي صاحبة الدور الأهم في صياغة مجد الأمة وعزتها، وفي استنهاض الأمة وتأصيل قدراتها واستئصال عوامل الضعف من جسدها. فالإنسان العربي المؤمن بعقيدته وأمته وتاريخه وحضارته، هو إنسان يعشق التضحية والاستشهاد من أجل امته، ووطنه، وهو العامل الأساسي في تحقيق النصر.