سيعود مجدك يا عراق خنساء الفارس تسعة عشر سنة عجاف والعشرين سوف تأتي، مآسي وآلام، هموم ومعاناة، جور وظلم، دمار وخراب، فساد وانحطاط، ملالي تلبسوا الدين زوراً وبهتاناً، رعاع عاثوا في الأرض فساداً. بغداد أسيرة مكبلة تنتظر فارسها المنقذ، أتتها العلوج من كل فج، وخلفهم أهل الشقاق والنفاق، لقد نفذ الصبر، وفاض الدمع بالمآقي، صرخات الأيتام والأرامل والثكالى وأمهات الشهداء تملأ الآفاق، والدم يومياً يراق ... الأعداء والخونة والعملاء والفاسدون تنهش بأجساد أبنائنا بأنياب من نيران وحديد، ابن ملجم وأبو لؤلؤة والعلقمي الجدد اغتصبوا العروبة والإسلام وباعوهم في سوق النخاسة، واستباحوا أرض العرب لتعود أمجاد امبراطورية كسرى ... جرح العراق كاد يقتل فينا الأمل، فقد استولى عليه الجهلاء، وأيدي السراق امتدت إلى كل جيب، والرعب دخل إلى كل بيت آمن، وبغداد عروس الحرية ترتدي ثوبها الدامي، سالت دماء الضحايا أنهاراً، والفقر صوب رماحه الغادرة نحو قلوب الجياع، قتلوا الأبرياء عمداً، ومزقوا أستار الحرائر، فلم يبقوا لصوت الأحرار ذكراً ... اصبر يا وطني المعطاء فلك أبطال تحدوا بصمودهم وثباتهم كل العقبات، ونخوتهم نخوة العباس، ولك ماجدات ببطولة خولة وجهاد الخنساء. سيعود مجدك يا وطني، لقد صحا أبناؤك على صراخ جرحك، فتحريرك بات بين قوسين أو أدنى، فآمال أبنائك كبيرة تسكن أحداقهم وتنتظر يوم الخلاص كي تزغرد أمهات الشهداء والثكالى، وتغتسل أرضك الطاهرة من براثن الغزاة والعملاء والخونة، ويبقى تاريخك زاهر بالمجد والعز يرفل.