اغتيال هشم حاجز الخوف ولاء سعيد السامرائي الطلقة المسرعة الى رأس شيرين أبو عاقلة التي أردتها قتيلة فجرت غضبا هادرا واستثنائيا في انحاء العالم وأطلقت تصريحات تدين الكيان الصهيوني غالبا ما كانت مكبوتة بفعل الخوف من العقاب والتشويه بتهمة معاداة السامية لمن ينتقد السياسة الإسرائيلية والشيطنة التي تخصصها حكومة تل ابيب ولوبياتها العنصرية في أمريكا واوربا عبر الاعلام المتواطئ والخاضع للضغوط المختلفة والذي وصل اليوم الى ان يقوم رئيس دولة كبرى عضو في مجلس الامن بمنع دعم الشعب الفلسطيني وحقوقه والامتناع عن الكلام عن فلسطين والاحتلال وجرائمه المستمرة بحجة ان معاداة الصهيونية هي معاداة للسامية وذلك تلبية لمطالب اللوبي الناشط في حربه المسعورة ضد الفلسطينيين والعرب في هذا البلد. من فلسطين الى المغرب ومنه الى الخليج العربي، هطلت دموع الكبار قبل الشباب تبكي، بنت القدس وصوت فلسطين، الصحفية الملتزمة شيرين أبو عاقلة التي بنت بشخصيتها ومهنيتها ورصانة وقيمة عملها منذ أكثر من ربع قرن في تغطية الساحة الفلسطينية وحروب واعتداءات جيش الاحتلال أسما مؤثرا حتى دخلت القلوب والبيوت والعقول لتصبح أيقونه من نضال ومقاومة الشعب الفلسطيني. ومن شمال اوربا الى جنوبها، من شرقها الى غربها ومن وراء المحيط القارة الامريكية، سمعنا تصريحات تطلق لأول مرة من مسؤولين حكوميين ومن نواب ومن كل المؤسسات الدولية ومنظمات الصحافة، لم تبقى منظمة دولية وحقوقية ولم يبقى مسؤول رفيع فيها الا وأدان بغضب وبشدة الاغتيال الوحشي لجيش الاحتلال مذكرين بتاريخهم المليء بالجرائم وتاريخ أكاذيبهم للتغطية على ما يقومون به ضد الشعب الفلسطيني وضد الصحفيين. ليس ذلك فحسب بل ان تصريحات كثير من المسؤولين وصلت الى رفض السكوت ورفض الاكتفاء بالإدانة والشجب بل طالبوا الولايات المتحدة بانزال العقوبات واتخاذ كل ما يمكن من إجراءات كي لا يفلت الكيان الصهيوني مثل كل مرة من العقاب، فقد خاطب النائب الأيرلندي "ريتشارد بويد باريت" برلمان بلاده وحثهم على العمل على المساواة بين الجناة وان لا يكيلوا بمكياليين وضرب مثلا بما تقترفه روسيا وكيف تتعامل معها اوربا وامريكا بخصوص هذا النوع من الجرائم. وكان مؤثرا ان نسمع أصوات عشرات من النساء والرجال من السياسيين والإعلاميين ومن يشرف على منظمات حقوق الانسان والعدل الدولي وكبريات نقابات الصحفيين خصوصا في الولايات المتحدة وهم يشيدون بمهنية أبو عاقلة ويكذبون الروايات الإسرائيلية ويستهزؤون بها بأشد عبارات الإدانة والوقوف الى جانب الشعب الفلسطيني وحقوقه ورفض كافة السرديات الصهيونية التي تتهمه بالإرهاب مطالبين بعقوبات اممية وأيقاف اغتيال الصحفيين والانتهاكات ضدهم واعتبار ما يصيبهم جرائم حرب كما تنص عليه القوانين الدولية. شيرين أبو عاقلة، الصحفية القديرة والملتزمة، المتعلقة بأرض فلسطين وبهواء القدس ومدرجات باب العامود وبجنين وبالزعتر والزيتون لا يمكن الا ان تكون في قوائم الاغتيالات وفي مرمى وحدات الاغتيالات المتواجدة على الأرض فهي الشاهد الاهم على جرائم الاحتلال، لان الكيان يحسب لهذا النوع من الفلسطينيين ألف وألف حساب فكيف والحال أن تكون الصحفية أبو عاقلة التي تشهد ردود الأفعال ومحبة الناس لها وادانات اغتيالها في العالم اجمع على تأثيرها ومكانتها ومصداقيتها واحترامها حول الكرة الأرضية ومن اعلى المستويات. لذا لم يقتنع لا القاصي ولا الداني بالرواية الحكومية الإسرائيلية التي تغيرت اربع مرات في ساعات وأول من اتهم جيش الاحتلال بجريمة الاغتيال هم الشخصيات والمسؤولون الغربيون ولم يكن هذه الاتهام الا تعبيرا عن انفجار غضب هؤلاء أزاء تاريخ الكيان الطويل في اغتيال الشخصيات الفلسطينية الإعلامية وتكرار جرائمه البشعة ضد الصحفيين. أصبح الاغتيال والاعتداء اثناء تشييع الجنازة على المشيعين بالهراوات وفرض إجراءات عنصرية بمثابة العملية التي هشمت بدورها أي موقف مرتجف وخائف ومتردد من ادانه الكيان الصهيوني ليغضبوا بقوة ويدينوا بكلمات صريحة جريمة اغتيال شيرين وكل الجرائم بحق الإعلاميين والصحفيين الفلسطينيين الذين يغطون ويوصلون أصوات شعبهم الى العالم حيث ينحسر الاعلام الذي يتجرأ اليوم على إيصال احداث الاحتلال والاجرام الصهيوني في فلسطين المحتلة. اغتيال شيرين أبو عاقلة سيكون حدثا يؤرخ من جديد لصورة بشعة وفاشية لجيش الاحتلال الصهيوني الذي استقتل قبل سنوات في العالم والغرب بشكل خاص على تكذيب جريمته الموثقة بفيديو لاغتيال الطفل محمد الدرة المختبئ وراء والده اثناء الانتفاضة الثانية ولكنه فشل رغم ما حشده من محامين واعلاميين ولوبيات وسفارات لفرض روايته الكاذبة عن الاغتيال واتهام الصحفي "شارل اندرلن" مراسل القناة الثانية الفرنسية والمصور الفلسطيني اللذان ربحا فيما بعد القضية المرفوعة ضدهما في فرنسا. أصيب الاحتلال واتباعه في فرنسا بهستيريا حقيقية بعد الانتشار الواسع لفديو قتل الطفل محمد الدرة لان تداعيات هذه الجريمة كانت على مستوى العالم شعوبا وحكومات وأحزاب ومنظمات دولية عزلت الكيان الصهيوني واطاحت بصورته في انحاء العالم واعقب ذلك حملات شرسة ضد العرب والمسلمين وابتزاز للدول وحتى لرؤسائها وللإعلام والصحفيين والمؤسسات الصحفية والقنوات التلفزيونية حتى وصل الحال الى اقالة صحفيين كبار مخضرمين من وظائفهم بسبب مواقفهم الى جانب الحق الفلسطيني ومنعت مشاركة ممثلي الشعب الفلسطيني في الحوارات التلفزيونية كما تم منع أي خبر عن فلسطين ، رافق ذلك حملة تشويه بشعة وشيطنة للرئيس الراحل ياسر عرفات. ورغم ذلك انقلب السحر على الساحر لتنبثق عشرات الجمعيات المساندة للشعب الفلسطيني وحقوقه وليحل جيل جديد من عرب الشتات مسلمون ومسيحيون من كل أبناء منطقتنا ولتزداد المساندة الاوربية والأمريكية وتتوسع وهذا ما يحصل مجددا منذ ساعة اغتيال شيرين أبو عاقلة وفي ارجاء العالم وعلى كل المستويات الشعبية والحكومية والمنظمات الحقوقية والدولية ومنظمات حقوق الانسان لكن الأهم من كل ذلك هو التضامن العالمي الذي ابدته الشعوب المختلفة وتعاطفها وتضامنها مع الشعب الفلسطيني. لقد عادت فلسطين الى صدارة الاعلام العالمي كما كانت دائما وتصدرت اخبارها أولويات الصحف ومقالات الرأي وانشغل العالم اجمع بما حدث وما يحدث، تعرفت أجيال جديدة على خارطة فلسطين وعلى تاريخها واحتلالها، وما اتساع الاهتمام بالقضية الفلسطينية في الجامعات الامريكية والاوربية وحتى تعاطف أجيال شابة من الجاليات اليهودية مع الحق الفلسطيني الا دليل على ان الشعوب تقف مع القضايا العادلة وتنبذ الاحتلال طال الزمن او قصر وهو تطور يزعج تل ابيب والأوساط الصهيونية في أمريكا واوربا. لقد كانت حياة شيرين أبو عاقلة معركة طويلة من المقاومة الإعلامية لإيصال حقيقة ما يحصل في فلسطين ، من القدس وحي الجراح وجنين الى رام الله وغزة وكل مدن وقرى فلسطين استطاعت شيرين ان تقيم تواصلا حقيقيا بين الشعب الفلسطيني والمشاهدين في مختلف اقطار الوطن العربي، لم توحد أبو عاقلة الفلسطينيين وحدهم بل وحدت أبناء المنطقة بكل اطيافهم بدليل هذا الكم الهائل من الدموع التي رأيناها تنهمر من عيون الناس في منطقتنا والجاليات في دول العالم على فقدان الصوت الفلسطيني الذي أحبوه. حياة مثل هذه وسيرة بطولة نسوية فلسطينية كسيرة الفقيدة لن يطويها النسيان، أجيال فلسطينية وعربية كبرت وهي تسمع صوتها وتستمع لتغطياتها واعتبرتها مثلا ورمزا يحتذى به. 16/5/2022