ثمانية عشر سنة، والتاسعة عشر قامة، على احتلال العراق وما تلته من متغيرات سياسية واقتصادية واجتماعية، والحكومات العميلة الفاسدة التي توالت على حكمه، والتي هي السبب الرئيس في كل المعاناة والمآسي والكوارث التي حلت بالعراق وشعبه بعد أن هيمنت الأحزاب الطائفية المسماة بـ "الإسلامية" على العملية السياسية وعلى مقدرات العراق وشعبه، والتي عاثت بالأرض فساداً، فسرقت الأموال ونهبت الثروات ودمرت البنى التحتية وجوعت الشعب وحرمته من أبسط حقوقه، وهجرت واعتقلت واغتالت وقتلت وسفكت الدماء البريئة ... القتل المبرمج والعمليات الإرهابية باتت أمراً طبيعياً ومألوفاً لدى حكومة الفساد وأحزابها اللقيطة، فهي منشغلة بصراعات أطرافها على السلطة والمال والنفوذ، متناسية أن عليها واجبات في حماية أمن المواطنين، وبدلاً عن ذلك فقد وفرت أرضاً خصبة للقتلة والإرهابيين لإيقاع أكبر الخسائر في أرواح الشعب العراقي في ظل غياب السلطة والقانون والانفلات الأمني وتردي الوضع السياسي وانعدام الاستقرار والأمان، فالدم العراقي المسفوك أصبح خبراً يومياً وبات أمراً اعتيادياً ... إن تطورات الوضع العراقي خلال السنوات العجاف التي حلت بالعراق وشعبه تؤكد وتشير إلى أن البلد ينجرف نحو الهاوية بشكل يصعب الخروج منه بحلول ترقيعية، فصور القتل المبرمج في بغداد والمحافظات اقشعرت لها الأبدان، والأطراف المعنية بالشأن العراقي في حالة سبات، فالدم العراقي أصبح رخيصاً وحياة العراقيين باتت بلا ثمن، ففي كل الأحوال فإن الحقيقة القائمة هي رخص الدماء العراقية التي استبيحت من قبل القوات الأمريكية الغازية وإيران وعملائهم الأقزام المرتزقة، وهذا أصبح واضحاً للقاصي والداني ... إن احتلال العراق وتدميره من قبل الغزاة الأمريكان وحلفهم الشرير ومن لف حولهم من صهاينة وفرس وإسقاط نظامه الوطني هو للحفاظ على أمن الكيان الصهيوني أولاً، لأن العراق هو القطر العربي الوحيد الذي استهدف الكيان الصهيوني بضربات موجعة ودعم القضية الفلسطينية، ومن الجانب الآخر فإن إيران التي انهارت إمبراطوريتها في معركة القادسية الأولى وخسرت نفوذها، وانهزمت أمام جيش العراق وشعبه وقيادته بحربها التي استمرت ثمان سنوات في معركة القادسية الثانية تريد الآن وبأي ثمن أن تستعيد امبراطورية كسرى، وتُرجع عجلة الزمن إلى الوراء، فإيران هي من أجج وأشعل نار الفتنة الطائفية والعنصرية واستباح دماء العراقيين الأبرياء. فإلى متى تستباح دماء الأبرياء؟ ومن المسؤول عن استباحتها؟ ومن يتحمل وزرها؟ ومن يوقف نزيف العراق المستمر؟