تتبدلُ الأيام، ويتبعُ الليلَ النهارُ، وتتغير مواقفُ أشباه الرجال وتُميعها المصلحة الشخصية الآنية.وعند الرجال، تثبتُ المواقف، ويشرقُ الفجر بنوره طارداً حلكة الليل وسواده، وتظهر معادن الرجال الرجال في الملمات والشدائد وفي لحظات الاختبار الصعبة.منذ سنةٍ مضت ودَّعنا فارساً عاش زَمنَ الفرسان، ومناضلاً عاش مع مناضلين، أحبهم وأحبوه، أخلص لهم فأودعوه ثقتهم، لأنهم رجالٌ يقرؤون الرجال، ويعرفون حقيقةَ أن تكون مقاتلاً صلداً في ميادين النضال وسوح الوغى.ودعنا الرفيق المناضل عبد الصمد الغريري الذي كان قبل أن يرافق القادة بطلاً في ساحات المواجهة التي خاضها ضد العدو الإيراني منذ تخرجه من الكلية العسكرية، فكان بطلاً تشهد له الساحات، كلما غاب عنها لسببٍ عاد مجدداً أكثر شوقاً وعنفواناً وثباتاً.زرع في أرض العراق أشلاءً من جسده، كما زرع رفاقه الأبطال في أرض العراق أرواحهم وأشلاءً من أجسادهم، فأينع الزرع وطاب نصراً مظفراً على عدو العراق والأمة الفرس المجوس.أصيب أكثر من مرة، ولكنه كان يأبى المكوث بعيداً عن ساحة القتال بعد شفائه، يعود بجلدِ الرجال العاشقين للمجد، الطامحين للعلياء، ولكن القدر أبعدهُ عن ساحة النزال بعد أن فقد بعض أجزاء من جسمه، وهنا ظهر الرجل الذي ما تحول عن عشقه للعراق، فتابع في موقع آخر يخدم العراق ويقدم له خلاصة عشقه.وللقدر حكمته، وللزمن دورته التي لا بد أن تكتمل، وتشاء الأقدار أن يلازم الرفيق المناضل عبد الصمد الغريري القائدَ الرفيق الشهيد صدام حسين رحمه الله، الذي وجد فيه الإخلاصَ والثباتَ على القيم والمبادئ، فمنحه ثقته في أحلك ظروف العراق وأشد الأوقات تأزماً وأكثرها صعوبة.لازم الرفيق الراحل عبد الصمد الغريري الرئيس الشهيد صدام حسين وأخلص له فمنحه القائد الشهيد ثقته في وقتٍ فقدها الآخرون، الذين انهزموا في لحظات الاختبار الصعبة.لقد عرف الرئيس الشهيد صدام حسين أنه يستطيع الثقة بالرفيق الغريري في وقت كانت حياته مهددة، تطارده جيوش أعتى الدول، ولهذا فقد منحه عضوية قيادة قطر العراق فكان أهلاً للمسؤولية ووفياً لأداء الأمانة.كما لازم الرفيق الراحل الغريري قائد الجهاد والتحرير الرفيق المناضل الشهيد عزة إبراهيم رحمه الله، فكان محل ثقته التي تكللت بتسنمه إدارة مكتب أمانة سر قطر العراق، فكان الرجل المناسب في المكان المناسب، في وقت كان يمر فيه البعث بأكثر مراحله التاريخية قتامةً وسوداوية، ولكنه كان الرجل الثقة المخلص الذي رافق الشهيد القائد عزة إبراهيم فأحسن الرفقة وأخلص لها حتى آخر لحظة من حياته.إن المكانة التي نالها الرفيق الراحل، والثقة التي وجدها عند قائدَين من أعظمِ قادةِ الأمة في القرن العشرين كانت دليلاً واضحاً وجلياً بأنه رجل المهمات الصعبة والمواقف الحرجة، كما كان في شبابه رجل القوات الخاصة.رحمك الله أيها الرفيق المناضل الوفي المخلص، وجعلك في عليين مع الأنبياء والشهداء والصديقين والصالحين وحسن أولئك رفيقا ..