مع إطلالة كل عام ميلادي جديد تنطلق النفوس بالتهاني والتبريكات والأماني والرجاء ونحن نشاركها مع أهلنا المحتفلين وخاصة أخوتنا المسيحيين في العراق وفي الأمة العربية وفي كل أرجاء المعمورة.العام الجديد مناسبة لإظهار مزيد من النضج والحكمة من قبل الجميع لإبراز حقيقة تقدم العمر والزمن غير أن هذا التوق الإنساني يقابله دائماً وأبداً مشاكل جدية تفرضها السياسة وجشع الحياة المادية المتخشبة ومساراتها المتحكمة بمقدرات الناس والنزاعات بين المتنافسين على المال والثروات والسلطة والتسلط التي تتطلب حتماً العنف الثوري ومغادرة الاستكانة والركون إلى المتغيرات التلقائية، وهكذا يستمر الصراع الظاهر والخفي بين الخير والشر، بين إرادات البناء وبين روح العداء الهدامة، بين الحرية وقيودها، ويستمر العالم بالانقسام بين طبقات متخمة وأخرى تستجدي لقمة الخبز.أياً كانت الارهاصات وأياً كان التوق البشري المتأرجح بين النور والظلام وبين السعادة والبؤس تستمر البشرية مستبشرةً الخير مع كل ولادةِ عامٍ جديد، وتتقدم التهاني، وتعلو مناسيب التفاؤل، ويرقص الراقصون جذلاً باحتمالات أن تزدهر الحياة وتتحقق الأهداف والغايات الصغيرة والكبيرة وكأن عجلة الزمن هي القدر المتحكم بنوع القادم وبمصير البشرية.حقيقة الأمر أن البشرية هي من تصنع المصائر والمآلات، لأن الله سبحانه قد منحها هامش التحكم المطلوب، فالسلام والحرب والهدوء والثورات والبناء والإعمار والهدم والتخريب كلها منتجات بشرية كما الحروب والغزو والاحتلال والتوق للسلطة الغاشمة أو المتوازنة والتغول والتوحش لفرض العقائد والمناهج وأساليب الحياة كلها تنتجها يد الإنسان وعقله.في العام الميلادي الجديد، ينحصر رجاءنا كعراقيين وكعرب بأن يتفعل الحراك الشعبي المصوب باتجاه تحرير الأرض والإنسان والثروات لكي تعود عجلة الحياة للدوران باتجاه بوصلاتها الصحيحة عمراناً وبناءً وتطوراً وتعلماً وتثقيفاً وتنوراً.إن تحرير العراق هو الرجاء الأعظم للعراقيين وللعرب لكي تنفتح مغاليق السبل لتحرير فلسطين وكل شبر عربي محتل مغتصب مسلوب، من بين ما تختلج به النفوس أيضاً أن يعم السلام والأمن لكل شعوب الأرض وأن تضع الحروب أوزارها، وتنحسر موجات التطرف الطائفي وتسييس الدين من أجل المصالح بعيداً عن الدين، وأن تتوفر سبل حياة أفضل للشباب لكي يغادروا الاسترزاق بالانتماء للميليشيات، وندعو العلي القدير أن يعاون شعبنا لقبر مد الانحرافات والدود والفساد الأخلاقي الذي بدأ ينخر بقيمنا ومثلنا ولحمتنا الاجتماعية والوطنية والقومية، وما ذلك على الله بعزيز.