في منطق ونتائج العسكرية الأكاديمية الجامدة فإن الغمام الحسين بن علي عليه سلام الله لم يخسر هو وأصحابه معركة الطف فقط بل كانت خسارته فادحة في حياته وعائلته وصحبه.النظرة المادية الصرفة تصل إلى هذا الاستنتاج والنتيجة غير أن ثمة جانب آخر يدحض هذه النتيجة، بل يحيلها إلى هراء ورماد : الحسين انتصر في قضيته وسمعته ودينه وفي ارتقائه شخصياً وعقدياً إلى غرف النعيم والخلود، ويخطئ تماماً من يظن إننا نقصد بالقضية مذهباً أو مرقداً مطلياً بالذهب ولا نقصد مجموعة من الممارسات التي يطلق عليها الانتهازيون النفعيون تجار السياسة بالمذهب مصطلح شعائر ليختبئوا وراءها ويحشدوا لسياساتهم المناوئة للدين والمذهب بواسطتها.الحسين لم ينتصر بهذه المظاهر التي يشوبها ويلوثها الكثير من الشرك والعبودية بل انتصر في معاني وقيم ودلالات مرتبطة بالدين الحق والرجولة والبطولة وثبات العقيدة حد الاستشهاد من أجلها فترتقي العقيدة إلى ذروة عالية ويخلد الدم وتتعزز الأخلاق والمبادئ وأهداف الثورة ويخلد الفعل المنتصر بصفته المرتبطة بالاعتبار وبالمعاني السامية النبيلة.العراق وطن الحسين بن علي، والعراقيون أحفاده والمقتدون بثورته وأخلاقه وعقيدته الموسومة بأسطورية وبذخ الرسوخ.العراق بيت الحسين والوطن، والبيت لا يمكن أن يسكنه التلوث لمجرد أن حفنة من الصعاليك الكذابين المنافقين المشركين أرادوا أن يصلوا إلى السلطة على حساب دم العراق ودم الحسين.العراق وطن وبيت الحسين وسينتصر ليس بالمعنى والاعتبار فقط بل بالمعنى المادي أيضاً لأن خراب البيت يعني خراب من سكنوه في زمن مضى وخراب من يسكنوه الآن.سينتصر العراق ويداوي جراح الغزو.سينتصر العراق ويغسل غبار وأتربة زمن حقبة الاحتلال.سيلغي العراق من سفره المجيد تلوث عهد العبودية والذيلية وانعدام المبادئ والشرف والأمانة الذي فرضته القوة الغاشمة المجرمة وأدامت بقاءه سبعة عشر سنة، عصابات صعدت فوق ظهر الإمام الحسين وفوق ظهر أبيه الإمام الخليفة الخالد علي بن أبي طالب، ودجلت وزورت وأفسدت وفسدت تحت ظلال خلودهم.سينتصر العراق على من ظنوا أنهم انتصروا كما انتصرت الجيوش التي قتلت الحسين وظنت غاشمة أنها انتصرت، لكنها نسيت وطواها الزمن خلف حجب مظلمة إلا من لعنة قتل المبادئ والشرف والبطولة ممثلة بقتل الحسين، فالذين ظنوا إنهم قتلوا العراق سيجدون أنفسهم بلا سلطة وصلوها بقوة الغزاة ولا مال نهبوه من خبز العراقيين.ثورة تشرين تعيد رسم المشهد : العراق خالد منتصر وعهر المرتزقة سيطويه النسيان وحجب سوداء داكنة كتلك التي غيبت قتلة الحسين، وهم ذاتهم من مارسوا قتل العراق بيت الحسين ووطنه.