قد يسأل أحدهم ما معنى حضور الرئيس الفرنسي ماكرون إلى لبنان على أثر الانفجار الكارثي الذي وقع في مرفأ بيروت البحري وما خلفه من فاجعة على صعيد البشر والحجر.وما هو التفاهم الأمريكي الفرنسي حول دور الأخيرة في محاولة إيجاد حل للوضع في لبنان المتأزم سياسياً واقتصادياً ومالياً واجتماعياً إلى حد اعتبار لبنان دولة فاشلة.جاءت المبادرة الفرنسية في محاولة لرأب الصدع والعودة إلى التطبيع السياسي ومحاولة لملمة الوضع ما أمكن والحؤول دون انزلاق لبنان إلى فوضى قد تفضي إلى حرب أهلية جديدة.وما اجتماع ماكرون مع المكونات السياسية كافة إلا بهدف تعويمها والاتفاق على الحد الأدنى لمنع الانهيار الشامل، واللافت أن وفد حزب الله النيابي من ضمن من التقى بهم الرئيس ماكرون أوحوا له باحترام مبادرته طالما أن لبنان يستفيد منها اقتصادياً ودبلوماسياً.الرئيس ماكرون لا يعرف معنى ( التقية ) التي يمارسها ( الثنائي الشيعي ) وخاصة حزب الله التابع للولي الفقيه الصفوي في طهران، حيث تلقى تعليمه على يديه فنجاح أي تلميذ للولي الفقيه يقاس بمدى براعته في التقية وعلى أساسها ينال درجته النفاقية من شيخ وصولًا إلى رتبة مرشد أعلى، وخلاصتها نافق حتى يرتاح خصمك لك وبالمختصر أن تضمر عكس ما تعلن حتى ليخيل لمن نافقته بأنه قد حقق انجازاً تاريخياً!بعبارة لبنانية فإن الرئيس ماكرون تلقى ( لكمة ) في مسعاه الدبلوماسي جعلت منه سخرية أمام الأمريكان وطفل في السياسة الدولية!ها هو الثنائي الشيعي اليوم يعود لممارسة دور معول الهدم للدولة اللبنانية وذلك بالانقلاب على اتفاق الطائف بل ونسفه ليطرح رؤية سياسية وهذه المرة مذهبية أشد مرارة من الطائفية المكرسة في الدستور اللبناني وعنوانها ( المثالثة ) على قاعدة ( شيعي - سني - مسيحي ) !والأنكى أن حليفهم الذين أتوا به إلى قصر بعبدا يخرق الدستور عندما يتشاور مع الكتل النيابية والشخصيات السياسية والتفاهم مع الرئيس المكلف الجديد حول الأسماء المرشحة لتشكيل حكومته في تعدي واضح على صلاحيته في تشكيل حكومته في مسعى واضح لإرغامه على التنحي عن تشكيل الحكومة إذ إنه كما يبدو أوصافه مغايرة لرئيس الحكومة المستقيلة الذي كان واجهة للدولة العميقة إذا جاز التعبير.إن تأثير الدور الإيراني جلي في العملية السياسية اللبنانية من خلال وضع حزب الله اليد على مقدرات الدولة ومفاصلها ومراكزها الحساسة وبتسهيل من حلف ( الممانعة ) وغض الطرف من القوى الإقليمية والعالمية ولسان حاله يقول لبنان أنا وأنا لبنان!والسؤال الأهم بعد ترنح المبادرة الفرنسية هل ينزلق الوضع اللبناني إلى حرب أهلية جديدة تطيح بالأخضر واليابس، أم يستغل الكيان الصهيوني الوضع لضرب حزب الله، أو يقدم الأمريكان على مزيد من العقوبات المالية والاقتصادية الخانقة، طبعاً والهدف ترويض الأداة الإيرانية وليس إنهاءها لاعتبارات تخص العلاقات الأمريكية الإيرانية المتأزمة حالياً ولاعتبارات تخص الرئيس ترامب في مسعاه لولاية رئاسية ثانية واحتدام المنافسة بينه وبين الطامح أيضاً لها جون بايدن، ونجاح ترامب في جر أطراف عربية في ما يسمى اتفاقية سلام مع الكيان الصهيوني وبذلك يكون قد كسب نقاط مهمة في معركته الرئاسية على أنقاض المبادرة الفرنسية التي تخالف توجهات أمريكا وأكثر دول أوروبا في اعتبار حزب الله منظمة إرهابية وعدم جدوى ارضاء إيران والتعامل معها بتهذيب فرنسي الذي يعتبر حزب الله في شقه السياسي يختلف عن الجانب المسلح الإرهابي، مع أن كلا الجانبين وجهان لمنظمة واحدة!وهذه النظرة الفرنسية لحزب الله قد ترتد على الفرنسيين سلباً وخاصة بعد اللكمة التي تلقتها الأم الحنون على وجه رئيسها الشاب ماكرون والأيام ليست حبلى بالمفاجآت كما يحلو للبعض ذكرها بل هي حبلى بالمخططات الأمريكية التي سوف تتدفق تباعاً، وكان الله في عون لبنان الذي يرزح أبناؤه تحت ضغوط لم يألفها من قبل في حياته السياسية وخاصة في ذكرى المئوية الأولى لتأسيسه الذي يتعرض لرياح صفراء سامة آتية من الشرق لتهدد صيغة العيش المشترك بين أبنائه بحجة المظلومية الشيعية وراية الولي الفقيه والهلال الشيعي ودول الممانعة والشيطان الأكبر والموت "لإسرائيل" انتهكت حرمات أقطارنا العربية وخدش حياؤها وما زال طريق القدس والبحث عنه جارياً، ومرفأ بيروت البحري محطة لعبور الولي الفقيه إلى كافة أرجاء وطننا العربي المثقل بالهموم والويلات ورجاؤنا في وعي شباب الأمة التي لاحت تباشيرها في العراق ولبنان، وليس صدفة أن تشرين يجمعهم، بل فأل خير في مسيرة بدأت عبر حقل ألغام من المنافقين وشذاذ الآفاق والخونة واللصوص والفاسدين وراية بغداد وبيروت حرة حرة وإيران برة برة سوف ترفرف خفاقة في كلا القطرين، والله المستعان.