تظهر النتوءات عادة على الجسد من داخله، أما الشوائب فهي عادة كل ما يلوث الماء مثلاً أو أية مادة أخرى من الخارج، فيعطل صفة النقاء للمواد وينقص من صلاحيتها وسلامتها، ونحن نستعير التعبيرين هنا لفترة الحكم الوطني في العراق، وبالذات لحزب البعث العربي الاشتراكي، الذي قاد البلاد لخمس وثلاثين عام، وننطلق بدءاً من حقيقة أن النتوءات والشوائب قد أضرت الحزب مرتين، الأولى إبان الحكم الوطني، والثانية وهي الأخطر بعد الغزو والاحتلال. التسلق والوصولية والانتهازية والنفاق والكذب والتملق والنفعية، ليست صفات، ولا خصال لأية حركة سياسية أو حزب، بل هي أمراض اجتماعية، تميز المجتمعات المتخلفة الفقيرة الأمية الجاهلة.ويجافي الحقيقة من يظن أن هذه الصفات والخصال لا تنفذ إلى أي حزب يعمل في هذه البيئات، ويتصدى لعمليات التغيير فيها نحو الأفضل في كل روافد الحياة، ولا تحصنه منها لا مناعة ولا مضادات. فلا عجب ولا استغراب من تسرب ونفاذ عناصر بالمواصفات أعلاه إلى جسد حزب البعث العربي الاشتراكي خلال سنوات قيادته للعراق، وهي سنوات طويلة، وشهدت أحداثاً جساماً ساعدت إجمالاً على تلويث الحزب في مفاصل معينه منه، وخاصة عند المستوى الشعبي البعيد نسبياً عن مفاصل القيادة، دون أن نلغي ما قد حصل من نتوءات وتلوث في بعض مفاصل القيادة أو القريبة منها. النتوءات والتلوث أضرت الحزب، حيث كان ذوو الأغراض الدنيئة يتصرفون على غير ما يريده الحزب وما يقرره، وما هو ثابت في عقيدته ومبادئه وأهدافه ورسالته القومية الإيمانية الخالدة وأضرته، حيث ظهرت النتوءات والشوائب على حقيقتها بعد ذبح السلطة الوطنية على يد الغزو الأمريكي وحلفائه. إن بعض النتوءات والشوائب التي تساقطت لم تكتف بممارسة الرذيلة والغدر والخيانة عبر عمليات ابتذال ورخص ودناءة، عند محاولتها الانتماء إلى عصر الاحتلال فقط، بل إن بعضهم قد استخدم النتوءات والشوائب في العمل الإعلامي كمادة تكسب وارتزاق دونية بعيدة عن خصال الرجال والإنسانية والحياء. فلا غرابة إذن أن نجد واحداً أو أكثر من تلك النتوءات والشوائب التي تسلقت بطرق حربائية وأفعوانية، حتى وصلت إلى الصف الأول في إعلام الدولة الوطنية، لا يسقط بذاته فقط ويسبح في سواقي الغدر النتنة، بل يستثمر الشهادات التي حصل عليها، ومنها الدكتوراه، ليقوم بعملية بحث ( علمي ) فريدة من نوعها، لم يعرفها عالم البحوث ولا العلم، بل وتفتقر إلى أدنى متطلبات الأخلاق والعفة والحيادية والنزاهة، ومنها استنطاق بعض ( النتوءات والشوائب ) ليمعن في الإساءة للحزب الذي احتضنه ونقله من حياة الحضيض والتسول إلى موقع الدكتوراه والشهرة والكينونة المحترمة، ومنها أيضاً لجوء بعض النتوءات إلى كتابة مقالات ومذكرات يضعون فيها أنفسهم موضع الشاهد الرذيل القبيح ليس لشيء سوى محاولة التقرب من أحزاب إيران وميليشياتها بحثاً عن المال الحرام وجاه قد يجود به من لا جاه له. إن استخدام النتوءات والشوائب من قبل البعض لن يضر البعث كما يتخيل الناشطون من النتوءات والشوائب، بل على العكس سيكون عامل تقوية وتعزيز لقواعد الحزب ونضاله، لأن واحدة من خصال العامة هي احتقار المتلون المنافق الانتهازي الرخيص حتى لو لم يظهروا ذلك في لحظته ويعلنوه، وهؤلاء الذين جندهم نوري المالكي وعمار الحكيم ومقتدة الصدر وإياد علاوي وإيران وأمريكا بالمال السحت الحرام، يعرفهم شعب العراق حق المعرفة. ويبقى الماء ( والبعث ) حاجة وجود، حتى لو كانت به شوائب، خاصة وأن وسائل التنقية متوفرة وجاهزة للاستخدام وبتكلفة رخيصة، ويبقى النتوء نوع من الورم يمكن استئصاله وحماية الجسد من أشراره وأضراره المحتملة.