حين نتحدث عن فشل العملية السياسية وفشل الغزو والاحتلال الذي فرض هذه العملية وغلمانها ونغولها على وطننا وشعبنا فلذلك الحديث آلاف الشواهد وملايين الشهود، وهو حديث مميز متفرد عن سواه في كونه ليس حديث اشهار الفشل عالمياً بعد مرور سبعة عشر سنة، بل هو حديث أطلقناه ساعة بدأ العدوان على وطننا وساعة دخول الغزاة الغادرين الغاشمين إلى بغداد، كنا وبقينا وسنظل على يقين من أن الغزو والاحتلال ومنتجاته الإجرامية كلها سيسحقها شعب العراق وسيمزق أطرافها المتحالفة وصفحاتها المظلمة المشؤومة. تقديراتنا كانت مبنية على نظرة وطنية قومية علمية منطقية وعلى فهم عميق لكيمياء شعب العراق، نحن نعرف أن شعبنا يرفض أن يحكمه أجنبي، ويرفض الطائفية ويحتقرها، ويرفض أن يحكمه لصوص ذيول خونة، شعبنا يعشق القائد الوطني الشجاع، ويعشق السلطة التي لا تعرف هدفاً لها غير هدف خدمة الوطن والشعب، كمثل السلطة الوطنية ورجالها الذين اغتالهم الغزاة وشنع بهم وشتمهم وبشعهم، ومن جرهم الغزاة من شواربهم أو من رقابهم كمرتزقة ليسلطهم على شعب لا يحكمه إلا الصناديد، أباة النفوس أهل الرزانة والكياسة والبلاغة والابداع والمبادرة. ما تواجهه العملية السياسية منذ اندلاع ثورة تشرين الشعبية السلمية الباسلة ليس أزمة اختيار رئيس وزراء وحكومة، كما يبدو للبعض أو يحاول البعض الترويج للإيحاء بأنها أزمة وستعبر وستنجو العملية السياسية، القضية أعمق وأبعد بكثير، ولو كانت بهذا التوصيف السطحي الساذج لوجدت العملية قردة من قردتها وخنازير من مزارع الارتزاق، وهي مشبعة بهم ولا ينقصها شيء، القضية الحقيقية هي أن ثورة تشرين قد أغلقت المنافذ وحجرت القردة والخنازير في حظائرهم وأجبرتهم أن يجتروا بعض أشجار العلقم في تلك الحظائر. الخانق المميت الذي تعيشه العملية السياسية يتضمن خلافات مستعصية بين عملاء ووكلاء إيران بشقيهم الحزبي والميليشياوي، ويتضمن الانعكاسات القاتلة لعناصر الإجرام والفساد الذي عاشته العملية السياسية من ساعة انطلاقها، ويشتمل على وصول الاستقطابات المتضادة في الولاءات المركبة لدول الغزو، وخاصة إيران وأميركا وبريطانيا والكيان الصهيوني، ويمر بقوة على النزف المريع لثروات العراق عبر سنوات الاحتلال التي أجهزت على اقتصاد البلاد وخبز العباد وتركت العراقيين يعيشون كوابيس الموت المجاني والبطالة والعطالة والفقر المدقع، ويغطسون في بحار عميقة من المحن وعوامل الفرقة والاضطراب الاجتماعي وتيه الهوية الوطنية والمعاناة من النزوح والتهجير الداخلي وسيادة سطوة الاجرام الغابي الميليشياوي. نحن لا نغالي إن قلنا إن المعضلات التي تواجهها العملية السياسية هي انعكاس للمعضلات والخسائر الفادحة التي أوقعتها المقاومة العراقية الباسلة في الولايات المتحدة، وامتدت بآثارها إلى كل العالم، العملية السياسية ذيل تابع يتحرك خلف الجسد الحيواني الضخم الذي تبرزها من خلفيته الوسخة، فأزماتها ومحنها وكل ما يتحرك في جسدها المتهرئ يأتيها من إيران ومن أميركا وليس لها مشكلة ولا معضلة خاصة بها سوى الفساد بكل أنواعه ومسمياته لأن المشتغلين فيها هوائم ومجترات وقردة لا تجيد غير الشراهة في البطن والجنس والمال الحرام.