كنا نسمع دوماً بالفوضى الخلاقة، ولم نعرف ما هي!!حتى عشناها بلحظاتها وأيامها، لا هي حروب عسكرية بين جيوش، ولا هي تختص بمنطقة معينة أو دولة أو قارة، بل هي حاصلة في العالم أجمع بكل ما يدور من أحداث في العالم من مخلفات الكورونا ونتائجها الصحية والسياسية والاقتصادية على العالم أجمع، وأحدثت فوضى عارمة، بسبب فقدان الثقة بين شعوب العالم وحكوماتهم من جهة، وبين العالم وحكومات الدول الكبرى، التي كان سابقاً يستجار بها لمعرفة الأسرار الغامضة وكشفها والتقاط الحقائق منها. فاليوم أصبحت تلك الدول هي محط اختلال في كل موازين القوى في العالم، وهي التي تتجه الأصابع نحوها بالشك والريبة في اختلاق الأزمات والصراعات الدولية، وأصبحت هي المشكلة لا الحل. كل هذه الفوضى وقعت بحادث بسيط أعلن عنه كخبر في وسائل الإعلام المختلفة ولكنه لم يمر مرور الكرام، فسرعان ما تصاعدت أسهمه في الساحة السياسية العالمية كخطر عالمي يهدد العالم أجمع، وسرعان ما تصاعدت التوقعات لأعلى مما كان متوقعاً منه عند انطلاق أزمة انتشار فايروس كورونا من مدينة ووهان الصينية لتنتقل بشكل دراماتيكي لدول أوروبا المتقدمة علمياً وثقافياً وصحياً واقتصادياً وحتى عسكرياً، في مشهد أذهل العالم من هول الصدمة، بأن تسقط هذه القوى بجدرانها الأكثر متانة في العالم، أمام دول كانت تحسب من العالم الثالث الأقل تحضراً وتقدماً. ومن أسباب انتشار الفوضى الخلاقة في العالم، أن العالم قد تعود على قوى كبرى، أو تم تعويده على الاعتماد في هكذا أزمات على دول مثل أمريكا كقوة عالمية عظمى، وهي التي تمسك كل الخيوط في العالم أجمع، ولكن سقوطها أمام هذه الأزمة وغموض أسباب وقوة وسرعة نتائجها وعدم وجود رؤى واضحة لأسبابها وحلولها أو متى تنتهي والتبشير العالمي بخطورة النتائج اللاحقة الكارثية، هو الذي أدى إلى هذه الفوضى، وسواء كانت أمريكا تدري أو لا تدري فتلك هي أيضاً لم تخرج من دائرة الشبهات في اختلاق الأزمة. ومما زاد بالطين بلة وجعلنا أكثر استغراباً وأكثر دهشة وأكثر شعوراً بالحيرة والغموض ما حدث بأمريكا نفسها بكل ما لديها من مقومات القدرة والعظمة على العالم، أنها سقطت بحادثة مقتل الرجل الأسود البشرة، والتي كنا نسمع ونقرأ ونرى على مر العقود الماضية عشرات الحوادث من هذا القبيل، فهل يا ترى أن الحادث ونتائجه الكارثية اللاحقة من تظاهرات واحتجاجات وسرقات هو مدبر من جهة خارجية ضد أمريكا؟ أم أنه صراع داخلي أمريكي بين الأحزاب الحاكمة؟ أم أنه من ترتيب ترامب نفسه لاعتبارات انتخابية؟ وبين هذا وذاك، يبقى الغموض مسيطراً على العالم أجمع مما يجري من أزمة وانتظار لما سيحدث، وتبقى الفوضى الخلاقة وغير الخلاقة هي سيدة الموقف، وافتقاد الثقة بين الجميع هو السائد والمسيطر، والتلاعب بعقول الناس بقصد أو غير قصد يسير بشكل مستقيم. وكل هذه الأهوال وانتظار القيامة العالمية بواد، وحكومتنا بالعراق بواد آخر، وشعبنا المظلوم مازال يسعى لنزع ثوبها القذر محاولاً لبس الثوب النظيف والانطلاق نحو الحرية والواقع الجديد في العالم المتجدد.