في العراق المحتل منذ سبعة عشر سنة، لدينا حقيقة واحدة يجب على الجميع فهمها وادراكها، تتمثل بالسبب الذي أعاق تقدم العراق وأدى به إلى التخلف والجهل، وهو نفس السبب الذي انتفض الشعب العراقي من أجله في ثورة تشرين المباركة. ليس السلطة العميلة، ولا المحتل، رغم إنهما المسؤولان عن كل ما حصل ويحصل للعراق، وهي البديهية التي لا تحتاج إلى تفصيل أكثر، ولكن ما يسمى بالعملية السياسية هي نفسها كانت السبب الذي زرع لتدمير العراق وانهائه كدولة كبيرة لها تاريخها العظيم ووزنها المهم في المنطقة والعالم. والحقيقة التي يعرفها العالم أجمع أن احتلال العراق بني على كذب فاضح، وكانت الأيادي القذرة العميلة ممن ينتمون له هم الأدوات الرئيسية التي أدخلت الدبابات إلى تربة العراق التي دنست بسيرهم عليها ودنسوا بوجودهم في العراق كل شيء طاهر وأصبح الطاهر مدنساً عندهم، والمدنس النتن طاهر لديهم، وهكذا بنوا سلطتهم على هذا المبدأ ليتسنى لهم تفتيت العراق وإنهائه. في ظل هذه الحقائق الساطعة التي عرفها العراقيون والعالم، تخرج لنا حقيقة ثابتة راسخة لطالما ابتلعها الشعب وهضمها وأخرجها دون التركيز عليها، وهي أن السبب الرئيسي لكل ما حصل للعراق هو "مقتده الصدر"، سيظن البعض أنها طائفية، والبعض الآخر سيتهمني بأشياء أخرى، وأنا من جانبي سأوضح لماذا "مقتده" وليس غيره من دمر العراق خلال السبعة عشر سنة الماضية. البداية عندما برأ قاتل أبيه واتهم البريء، ليحصل على مجد شخصي يمكنه من لعب دور الضحية الكبيرة لنظام كان هو جزء مهم منه، واستمر بهذه اللعبة طيلة الأعوام الماضية حتى صدقها هو نفسه ونسي الحقيقة الكاملة التي كانت بين يديه وأدت به إلى الانتقام من المحرض والداعم لقاتل والده، بهذا تمكن من سحب بساط قيادة التيار الصدري إليه من شخصيات كانت مرشحة لقيادته وهم من تلاميذ والده ومنهم "اليعقوبي والطائي والحسني والخزعلي وآخرين". فسار جمع المغفلين خلفه بجهالة تامة واندفاع أعمى، أدى إلى خلق مجاميع من عباد الأشخاص مستعدون لقتل والديهم وأولادهم من أجله، و"مقتده" فهم هذه الحقيقة وسار بها نحو أهدافه المجنونة التي أدت إلى ما وصلنا إليه اليوم من حال سيء. "مقتده" ومنذ الأيام الأولى للاحتلال التي لبس فيها ثوب "المقاومة" المزيفة ولعب الدور التاريخي الذي لعبه قادة المقاومة العظام في العالم، والتي أكسبته شهرة، ورفعه الإعلام الدعائي نحو هذه الصفة، ولكنه والدعاية الصفراء الخبيثة تناسوا شيئاً مهماً وهو أن كل قادة المقاومة في التاريخ عاشوا حياتهم بين شعوبهم مطاردين من المحتل وسلطات المحتل، ولم يشتركوا بالعملية السياسية التي أنشأها وأسسها المحتل. وبهذا يكون "مقتده قائداً" لمقاومة المحتل وقائداً من قواد العملية السياسية للمحتل، وبهذا يكون مشاركاً ومعارضاً بنفس الوقت طيلة السبعة عشر سنة، هو وتياره ساهم بجميع الحكومات المؤقتة والدائمة منذ الأيام الأولى للاحتلال وإلى يومنا هذا، وحتى خصومه السياسيين يعرفون هذه المعادلة الشاذة التي مازال يعمل عليها إلى يومنا هذا. وما يؤكد كلامنا هو ما تمر به ثورة تشرين اليوم والثوار من أذى واضطهاد على يد جماعة مقتده وبعلمه وتوجيهه، وأغلب الثوار الشباب هم من كان سابقاً يتبعه لكنهم عندما علموا حقيقته نبذوه وانتفضوا لوطنهم وشعبهم، " مقتده" له الدور الأكبر في السلطة وفي جميع الرئاسات الثلاث، واليوم هو يسيطر على جميع ساحات الاعتصام تارة يخرج معارضاً وتارة مؤيداً، وسقط المئات من الشهداء والجرحى على الأيادي القذرة التي تتبعه، وهو يفاوض على رئاسة الحكومة والمناصب الوزارية وبنفس الوقت يشير إلى جهاله بإسقاط المحافظات وحكوماتها المحلية ويتسيد الساحات ويقف حجر عثرة بوجه ثورة التغيير والخلاص من عملية الاحتلال السياسية، ولا خلاص للعراق إلا بخلاصنا منه.