قد تكون حكومة الكاظمي التي مررها برلمان الخضراء ليل البارحة أول حكومة في تاريخ العراق لا يعول عليها أحد ولا يعقد عليها أحد أملاً، بما في ذلك من لعبوا دور المشرع ( برلمان ) فشرعنوها تحت اشتراطات وضغوط سلطت عليهم من كل حدب وصوب، أولها تهديدات مصحوبة بترغيبات من أميركا التي هي أبو ( الوالد ) العملية السياسية والراعي والحامي لها، على أمل أن تكون هذه العملية هي الرافعة لمصالح أميركا التي تم غزو العراق من أجلها، ومن أمها ( الوالدة ) الباغية الفاجرة حكومة إيران التي تسعى لإبقاء الأحزاب والمليشيات التي تمثل أذرعها وسيقانها في الاحتلال الإيراني للعراق، ولإبقاء العراق ساحة متقدمة لاستعراض العضلات الإيرانية في المنطقة، وكرافد عملاق يبقي الاقتصاد الإيراني حياً في زمن يواجه فيه هذا الاقتصاد حرباً باردة أمريكية هدفها التقليل أو تحجيم التغول الإيراني الذي يخرج أحياناً عن بيت الطاعة للأب الأمريكي. إذن، حكومة الكاظمي بدءاً هي امتداد لسياسة الخيانة والعمالة، وقد تكون ميزتها الأهم هي إنها ستوزع عمالتها وخيانتها بين الأب الأمريكي والأم الإيرانية لإرضاء كلا الطرفين المحتلين بما يقلل الضغط الذي أحدثته ثورة تشرين الشعبية السلمية على العملية السياسية، ويحقق قدراً من عوامل الحياة للعملية السياسية وإدامتها لبعض الوقت ريثما يتم التدبر لاستحقاقات الفترة التي ستلي الزمن المقرر لهذه الحكومة، والذي سيتم عملياً هو ترتيب الانتخابات القادمة لتبقى الأحزاب التي نفذت للسلطة عند ولادة العملية السياسية، ويبقى العراق ينزف والشعب يعاني الأمرين. حكومة الكاظمي ولدت ضعيفة ناقصة ( سبيعية بالمصطلح الشعبي العراقي ) وسيمر وقت غير قصير وهي ناقصة العدد في الحقائب التي رفضت أو التي أجلت في جلسة الشرعنة الباطلة، وهذا سيعمق فشلها المفترض سلفاً، وستواجه أعظم المعضلات الاقتصادية التي خلفتها حقبة فساد عادل عبد المهدي وحكومته الساقطة وسقوط أسعار النفط التي خلفت وتخلف كارثة في العراق لازالت في بدايتها وعوامل اتساعها وتصاعدها شاخصة للعيان. ولأن ولادة هذه الحكومة قد جاءت مخالفة وناكرة لكل شروط الثورة والثوار وعاجزة عن مواجهة قتلتهم في ساحات الثورة ومحاسبتهم، فضلاً عن كونها قد ضمت عناصر من القوى التي قتلت ولا زالت تقتل الثوار، كونها حكومة قد تشكلت على ذات قواعد المحاصصة التي ثار الشعب ضدها، فإنها ستكون حكومة مواجهة مع الشعب الثائر في أوضح الاحتمالات القادمة وأكثرها بروزاً وظهوراً. بالنسبة لنا نحن المقاومون، فإن الميزة المفرحة في هذه الحكومة هي أنها تشكل تحدياً لثورة شعبنا السلمية، الأمر الذي يعني أن الثورة مستمرة، وأن مقومات تصعيدها وتجذير مقوماتها الشعبية قد عززتها ولادة هذه الحكومة، وبقدر ما تمثل هذه الحكومة من آمال الاحتلال دولاً وذيولاً في إبقاء العملية السياسية فإنها في ذات الوقت قد فتحت أبواباً مشرعة وأسباباً كثيرة لتأجيج ثورة الشعب ورفع ممكنات واحتمالات نصرها بكنس العملية السياسية وطرد ومحاكمة ومحاسبة أدواتها التي سعت في أرض العراق قتلاً وإرهاباً ونهباً وفساداً وتخريباً.