حينما تجد الشعوب نفسها أمام حتمية الدفاع عن بقائها فأنها تقدم صور ونماذج مختلفة ومغايرة لما هو مألوف فنجد التأريخ لا زال يحمل في طياته الكثير من المشاهد والشواهد لأساطير الحروب أبطالها هم أصحاب الحق وأهل القضية , نجد في التأريخ الكثير من القصص البطولية لشعوب تدافع عن سيادتها وعن بقائها أمام الكثير من الطامعين والمستعمرين وكثيرا ما تتطور قصص الأبطال لتصبح أساطير شعبية تساير الزمن ، فنجد الأدب العربي نفسه خصوصا الشعر الذي يعد ديوان العرب ، نجده يخلد الكثير من الأبطال الذين خاضوا ملاحم وسطرها شعرائهم أو سطروها بشعرهم ، ولست في صدد الحديث عن موضوع الأدب ، انما أود الاشارة الى وقائع مشابهة ، ولن أذهب بكم الى ملاحم الفيتناميين ضد الغزاة والعملاء ولا الى كوبا ، بل الى المقاومة العراقية الذي عرفها العدو قبل الصديق بقوة بأسها وشجاعتها النادرة ، فقد أبتليت بالكثير لكنها لم تنكسر ولم تتضعضع ، ولعل أهم ما يمكن الحديث عنه هو دور جيران السوء الذين لعبوا دروا سلبيا للغاية تجاه شعبنا الأبي معتمدين على عملائهم في الداخل ووظفوهم في زعزعة استقرار العراق وادخاله في حروب وصراعات دموية دامت واستدامت معتقدين ان ذلك سبب في بقائهم على عروشهم ، وان المقاومة العراقية تعني هلاكهم وهلاك ملكهم ، وظلوا سنوات يتواصون بها حتى تعاظم الحقد في نفوسهم وتجذرت الضغائن ، وصرنا نشاهد نتائج تراكم تلك الأحقاد في عدوانهم الوحشي والبربري منذ سبعة عشر عاما وهم يقتلون الأبرياء دون حدود ولا خطوط وبلا أخلاق وضمائر يتساقط الأطفال والنساء يوميا في المنازل والمستشفيات والمدارس والمزارع والأسواق والطرق العامة وفي كل مكان وحيثما تحركوا حتى صار الشعب يلعن ذلك اليوم الذي جاء به الاحتلال وتداعياته .. ومع ذلك تظهر لنا مقاومة عريقة وأصيلة كسرتهم بصمودها قبل أن تكسرهم بسلاحها ورجالها , انها المقاومة العراقية الباسلة التي لقنت الأعداء والغزاة دروس في الصمود والتحدي والشجاعة والتضحية رغم قلة وضعف الامكانيات التي تدافع بها عن شعبها وعن بلدها وعن كرامته الا انها لا زالت صامدة كصمود جبال العراق الشامخة ثابتة ثبوت الراسخين في كل جبهة وفي كل منعطف في صورة تأريخية أدهشت العدو وصار محتار في طبيعتها وتركيبتها النفسية والمعنوية ، ولا زالت شامخة صامدة ينظر لها الشعب العراقي والعربي بكل فخر واعجاب وتنحني لها الهامات ، ويعتبرون الفرج قادما ويأملون أن يكون على يدها خلاصهم من قمع طغاة العصر الذين يعيشون ثراء فاحش على حساب حريتهم وكرامتهم .. الجميع ينتظر نصر الهي يكون بحجم التضحيات الكبيرة التي قدمها .. وذلك لن يعجز الله تعالى ما دام النصر لا يأتي الا من عنده وما دام الشعب العراقي واثق بالله وبنفسه وبعدالة قضيته .. وان غدا لناظره قريب.