شبكة ذي قار
عاجل










استهجن اللبنانيون الطريقة غير المنضبطة التي تعامل بها بعض المواطنين مع إجراءات الحجر المنزلي فنزل هؤلاء إلى الشارع، بعضهم بدافع العمل بما تيسر له بغية تحصيل قوت يومه، وبعض آخر تظاهر معترضاً ومستنكراً وقد توقفت أعمال الناس والدولة لا تقدم ما يعوض عليهم من إمكانيات مادية، وآخرون أثروا أحياء شعائر الصلاة في الشوارع بعد إغلاق المساجد والكنائس بقرار من أعلى المرجعيات الدينية، ودافع هؤلاء أنهم فقدوا كل ثقة بمن هم على الأرض ولم يعد من أمل لهم سوى التوجه للسماء عسى أن يكون في التضرع للخالق عز وجل إنقاذاً للبلادوالعباد مما هم واقعين فيه من وباء وبلاء. ما زاد في مأساوية ما حصل، أن سائقاً عمومياً في بيروت أقدم على إحراق سيارته عندما منعته قوى الأمن الداخلي من العمل ونظمت محضراً بحقه، وأن مواطناً في طرابلس اصطدم مع الشرطة عندما حاولوا مصادرة عربة الخضار التي يبيع عليها.فأقدم على رميها في الشارع وإتلافها أمام الرأي العام محتجاً ومعترضاً وشاكياً أمره إلى الله. ما حصل في بيروت وطرابلس، لم يقتصر على العاصمتين الأولى والثانية للبنان، وإنما شهد اللبنانيون مثيلاتها في المحافظات والمدن اللبنانية الأخرى وكلها كانت تثير الأسى والرفض لها من الجميع. وفي الأسبوع الثالث للتعبئة العامة، وكإجراء احترازي بمنع حالات عدم الالتزام بالحجر المنزلي صدر عن وزارة الداخلية قرار بتنظيم السير على أساس المفرد والمجوز للسيارات والمركبات العاملة على الأرض اللبنانية، ليضيف هذا القرار المزيد من ردات الفعل من قبل من شعروا أنهم تضرروا بدورهم فآثروا تكبد المخالفة المالية على الالتزام بالقرار وليزيد ذلك من الإشكاليات السلبية التي خلقتها إجراءات الحماية من الوباء الفيروسي التاجي ويفاقم في الأزمة الاجتماعية والاقتصادية التي لم يسبق أن عاشها اللبنانيون من قبل. كم كانت تلك التدابير جيدة وناجحة لو اعتمدتها وزارة الداخلية في الأيام العادية وفي عز ازدحام السير على طول الأرض اللبنانية من النهر الكبير إلى الناقورة، ولكن أن يتم ذلك في ظل شبه انعدام لحركة السير، وتحت ذريعة منع المتفلتين من قرار الحجر المنزلي، فهؤلاء حقيقة غير موجودين على الطرقات وإنما تزدحم بهم مناطقهم وأحيائهم الشعبية وكلها معروفة لدى السلطات وجل ساكنيها مواطنون فقراء خرجوا ليبحثوا على ما يسد جوع عيالهم وهم الذين يعملون كل يوم بيومه ويكاد أحدهم لا يجد الرزق الحلال حتى في الأيام العادية فكيف والدولة تتجاهلهم ولا تحسب أن مخاطرهم هذه تسبب إضراراً كبيراً بهم وبالتالي يستحقون من العناية ما يستحقها من أصابه الوباء، وربما ما ستتكبده الدولة عليهم هو أقل بالكثير الكثير فيما لو أصيب أحدهم بمكروه ونقل العدوى لأبناء المنطقة والحي والجوار. هؤلاء يئسوا من الجوع وتراهم يفضلون الوباء عليه باعتباره الأهون أمام ما تركوه داخل بيوتهم من أمعاء خاوية وبطون فارغة علها تجد القليل من القوت بدل الموت البطئ المؤكد. هؤلاء معروفين تماماً من وزارة الشؤون الاجتماعية التي لديها مسوحات بعشرات آلاف العائلات اللبنانية التي تستحق الإعانة الشهرية الدائمة لكونها تعيش تحت خط الفقر. ولكنهم وللأسف، متروكين لمصائرهم منذ زمن بعيد، والدولة تجني من المساعدات الدولية باسمهم فلا تكترث وتتصرف بمستحقاتهم وبأموال المودعين في المصارف والبنوك لتجعل مساحة طالبي الحاجة تتسع فلا تقتصر على من هم تحت خط الفقر وتراها تشمل في ظلمها اليوم حتى الطبقة الوسطى والموظفين والجنود والعمال الذين منهم من خسر نصف قيمة راتبه الشهري جراء تصاعد سعر الدولار، ومنهم من خسر وظيفته بعد أن أغلق المصنع الذي يعمل به او لظروف عمله بسبب عدم القدرة على استمرار صاحب العمل في تحمل أعبائه المالية. إنها اشكالية الفقر والعوز التي ما جاءت أزمة الكورونا المستجدة لتزيدها حدة وصعوبة بقدر ما عملت على فضح واقعنا المزري الذي لم يعد ينفع معه موجات التخدير السياسي المتتالية لامتصاص نقمة الناس واحتواء غضبهم واللبنانيون يشاهدون بأم العين على شاشات التلفزة كيف أن كبار السن يفتروش الأرض أمام حاويات القمامة ويفتشون على ما يسد جوعهم بداخلها، بينما المشهدية لا تبعد أمتاراً قليلة عن منازل ومقرات سياسيين لبنانيين تصنفهم مجلة forbes الشهرية العالمية أنهم من أكبر وأغنى مليارديرية من والشرق الأوسط. في غضون ذلك، يزداد الوضع الاجتماعي انكشافاً بتوسع مساحات الفقر والعوز التي لم تعد تقتصر على بؤر وأحزمة بؤس معينة، لتنذر بأن البلاد مقبلة على انفجار كبير لن تنفع في إيقافه بعد اليوم كافة إجراءات التأجيل بمساعدات عاجلة من هنا، وطارئة من هناك، وكلها لم تعد تثمن ولا تغني عن جوع، والليرة في انهيار، والبطالة في تصاعد والبلد يحكمه فاسدون يفصلهم عن هموم شعبهم جدار كبير عازل من الإهمال لا يمكن تجاوزه إلا في تحطيمه واقتلاع الفاسدين من جذورهم وللأبد، وقد آن أوان ذلك.




السبت١٨ ÔÚÈÜÜÇä ١٤٤١ ۞۞۞ ١١ / äíÓÜÜÇä / ٢٠٢٠


أفضل المقالات اليومية
المقال السابق نبيل الزعبي طباعة المقال أحدث المقالات دليل المواقع تحميل المقال مراسلة الكاتب
أحدث المقالات المضافة
فؤاد الحاج - العالم يعيد هيكلة نفسه وتتغير توازناته فيما العرب تائهين بين الشرق والغرب
ميلاد عمر المزوغي - العراق والسير في ركب التطبيع
فؤاد الحاج - إلى متى سيبقى لبنان ومعه المنطقة في مهب الريح!
زامل عبد - سؤال مهم، هل المشتركات الايديولوجية بين جماعة الاخوان والصفويين الجدد انعكست في مظلومية غزة الصابرة المحتسبة لله؟- الحلقة الاخيرة
زامل عبد - سؤال مهم، هل المشتركات الايديولوجية بين جماعة الاخوان والصفويين الجدد انعكست في مظلومية غزة الصابرة المحتسبة لله؟ - الحلقة السادسة
مجلس عشائر العراق العربية في جنوب العراق - ãÌáÓ ÚÔÇÆÑ ÇáÚÑÇÞ ÇáÚÑÈíÉ Ýí ÌäæÈ ÇáÚÑÇÞ íåäÆ ÇáÔÚÈ ÇáÚÑÇÞí æÇáãÓáãíä ßÇÝÉ ÈãäÇÓÈÉ ÚíÏ ÇáÇÖÍì ÇáãÈÇÑß ÚÇã ١٤٤٥ åÌÑíÉ
مكتب الثقافة والإعلام القومي - برقية تهنئة إلى الرفيق المناضِل علي الرّيح السَنهوري الأمين العام المساعد و الرفاق أعضاء القيادة القومية
أ.د. مؤيد المحمودي - هل يعقل أن الطريق إلى فلسطين لا بد أن يمر من خلال مطاعم كنتاكي في بغداد؟!
زامل عبد - سؤال مهم، هل المشتركات الايديولوجية بين جماعة الاخوان والصفويين الجدد انعكست في مظلومية غزة الصابرة المحتسبة لله؟ الحلقة الخامسة
د. أبا الحكم - مرة أخرى وأخرى.. متى تنتهي كارثة الكهرباء في العراق؟!
زامل عبد - سؤال مهم، هل المشتركات الايديولوجية بين جماعة الإخوان والصفويين الجدد انعكست في مظلومية غزة الصابرة المحتسبة لله؟ ] - الحلقة الرابعة
القيادة العامة للقوات المسلحة - نعي الفريق الركن طالع خليل أرحيم الدوري
مكتب الثقافة والإعلام القومي - المنصة الشبابية / حرب المصطلحات التفتيتية للهوية العربية والقضية الفلسطينية ( الجزء السادس ) مصطلحات جغرافية وأخرى مشبوهة
الناطق الرسمي باسم حزب البعث العربي الاشتراكي - تصريح الناطق الرسمي باسم القيادة القومية لحزب البعث العربي الاشتراكي حول مزاعم ومغالطات خضير المرشدي في مقابلاته على اليوتيوب ( الرد الكامل )
مكتب الثقافة والإعلام القومي - مكتب الثقافة والإعلام القومي ينعي الرفيق المناضل المهندس سعيد المهدي سعيد، عضو قيادة تنظيمات إقليم كردفان