من خلال استعراض كل الانتفاضات في الوطن فانها حظيت بتغطية شاملة وواسعة من قبل كافة القنوات الفضائية العربية والأجنبية ، باستثناء الانتفاضة الشعبية العراقية ، والتي في حجمها واتساعها لا تقل عن الانتفاضات الكبرى التي وقعت في وطننا العربي وخاصة مصر. انقسمت الفضائيات العراقية بشكل واضح ولا يقبل الجدل بين منحاز إلى الحكومة كونها تابعة اليها او الى الاحزاب والمليشيات التي تتحكم بمصير العراق ، وتعمل على الطعن بالجماهير المنتفضة ، وهذا امر مسلم به ولا يحتاج للخوض به ودوافعه.وهنالك فضائيات عراقية سعت الى نقل الواقع وتصوير ما يجري ، لكنها تعرضت الى تهديدات مباشرة عبر جهات مسلحة اغلقت قنوات رئيسية ، فيما تعرض صحفيون وإعلاميون إلى تهديدات من قبل مجهولين بسبب تغطيتهم التظاهرات ، وفيما اضطر اخرون الى وقف عملهم ، واضطر اخرون مغادرة بغداد نحو اقليم كردستان وخارج العراق. وهنا لابد من الاشادة ببعض الفضائيات العراقية مثل قناة دجلة وشجاعتها في تحمل الصعاب الى الحد الذي فقدت فيه خيرة مراسليها ، بينما قناة الشرقية فقد أظهرت حقيقتها من انها قناة تجارية تعيش على فتات احزاب السلطة ولا يهمها شعب يذبح ، بل همها عقد صفقات لشراء الذمة الإعلامية. اما الفضائيات العربية فقد تباينت تغطيتها ، مع غياب المهنية عن بعضها ومنها الجزيرة التي أنتجت تغطيات خجولة ومحدودة ، والسبب علاقة قطر الإيجابية مع ايران ، وهي بذلك قد فقدت مهنيتها ، وأصبحت تتبع سياسة الدولة ، بعد ما كانت متميزة في حرفيتها كون سياستها الإعلامية كانت مستقلة ، وهي بذلك فقدت بريقها الذي كانت تعيشه. بينما تميزت العربية الحدث بالمتابعة المستمرة على مدار الساعة ، والدوافع لهذه القناة معروفة ولا تحتاج الى تفسير. وهنالك قنوات عربية نشعر بالأسى من تجاهلها للانتفاضة والضحايا الذين سقطوا على ارض العراق شهداء الجوع والقهر والظلم والتهميش،انهم يريدون وطن ضيعه القتلة والمجرمين والسراق والطائفيين ، وقد اكتفت ببث بعض الأخبار ، ولم تكلف نفسها بالتعليق على المجازر. إن متظاهري العراق ومعهم كل الشرفاء في العراق وخارجه قد استخدموا منصات التواصل الاجتماعي وتطبيقات التراسل بطريقة احترافية في بث الأخبار والأفلام ونقل الأحداث مباشرة وعلى مدار الدقيقة و الساعة واليوم ، وهذا الفعل الاعلامي حول فيسبوك وتوتير إلى اهم مصدر اخباري لوسائل الاعلام المحلية والعربية والعالمية ، وكذلك مصدر للمنظمات الدولية المعنية بحقوق الانسان وحرية الرأي والتعبير. إن على الجميع ان ما يجري في العراق ليس مجرد حراك شعبي يطالب برحيل النظام وملاحقة الفاسدين بل هو ثورة ضد الطائفية والمذهبية التي سخرت لتفكيك الوحدة الوطنية وارتهان العراق ، وتفكيك الدولة الوطنية ، وليعلم الجميع ان ايران والسعودية والولايات المتحدة وإسرائيل يرحبون بانهاء الحكم الطائفي في العراق ، لان الجميع مستفيد من إضعاف العراق وتقسيم أهله وابقاء حالك الفوضى. مع الاسف لم يكن الاعلام العربي اعلاما موضوعيًا ، يقف الى جانب الحق الذي يطالب به ابناء العراق ، يا ناس نحن نريد وطن كريم عزيز معافى ، نحن نريد عراق الزمن الجميل بل اجمل منه في ظل الثروات والعائدات المالية الضخمة نريد ان نعيش بكرامتنا وعنفوانا ، يكفي شعبنا مشرد مهموم في الداخل والخارج نريد ان تعيش كبشر. إن سياسات القمع والتضييق على حرية الرأي التي تمارسها القوات الحكومية والمليشيات ضد الناشطين والإعلاميين ، ورغم غياب الاعلام العربي في تسليط الضوء عليها لم تقلل من قيمة الانتفاضة العظيمة محليًا وعربيًا ودوليًا و ستنتصر إرادة الثوار وسيعود العراق باْذن الله.