إن الأحداث والمآسي التي تعصف في الوطن العربي من شرقه إلى غربه، ومن شماله إلى جنوبه،تشهد أرخص من كرامة الإنسان العربي حتى ملأت الكأس وبددت الثروات، واليوم شعب برمته يرفض الذل والعبودية ويطالب بأسقاط النظام وتعديل الدستور وطرد السياسيين المنتفعين. الشعب العربي استسلم لإرادتها وطغيانها، فوجئت بثورات الربيع العربي التي كان من أهم حسناتها أنها كسرت حاجز الخوف، وتمكنت من فكّ عقدته لدى المواطن العربي الذي بدأ يتكلم بصوت مرتفع مطالبا بإصلاحات اقتصادية وسياسية ديموقراطية تحرّره من قيوده، وتمنحه حقوقه في الحرية والكرامة الإنسانية. غضب الشعب وحدثت الثورة، وقد جرف الطوفان الساسة المفسدين والمرتشين بعد أن طفح الكيل وغاب الاصلاح، حيث المواطنون واعون بحقوقهم وواجباتهم في منظومات تسهر على تسهيل الحياة والسير قدما بالدولة والمواطن، وفي احترام شامل لروح الدستور وحقوق الإنسان. إن الشعب الغاضب والناقم على الأوضاع السياسية وانتشار الفساد وهدر الثروات وتهميش الشباب وهم الذين نددوا بالأداء الحكومي، وهم يطالبون اليوم بمحاكمة الفاسدين ومحاربة البطالة وتقديم الخدمات العامة، ومحاكمة المسؤولين الذين قتلوا المتظاهرين. وهذه الصورة لا يبدو أنها ستتغيّر بين لحظة وأخرى، بسبب الحماس الذي يبديه بعض الساسة ، مهما كانوا صادقين في إعلانهم الحرب ضدّ الفساد. وعلى مرور الأيام، تزداد الاحتجاجات والتظاهرات حتى طلبة المدارس والجامعات نزلوا الى ساحات التظاهر السلمي في عدة أماكن للاحتجاجات وبدأ الكل يتعاطف ويساند المتظاهرين، وهم يطالبون في الانتفاضة بتغيير الأنظمة السياسية، واحترام حقوق المواطن، وإتباع الحكم الرشيد، ومكافحة الفساد، وتحسين نوعية الحياة. والاحتجاجات الشعبية السلميّة في شوارع المدن والقرى العربية دليل على أن إرادة التغيير بدأت بجدية ، ولن تتوقف هذه المظاهرات إلا بعد الحصول مطالبها وأهدافها، ولدعمها وتمكينها من الخلاص من الأنظمة الوراثية والشمولية التسلطية الفاسدة وتغيير الواقع وإنقاذ الشعب العربي من عبودية الحكام. واليوم تدور في العراق التظاهرات والاحتجاجات قد تؤدي إلى لإصلاح في الحكومة وفي مكاحة الفساد المالي والسياسي، والعراق العظيمة تتقاسم الثروات التي سرقت المليارات من قوت الشعب العراقي، وأن الشعب الثائر الذي يؤمن بوطنها ويعاني المعاناة والظلم والاستلاب، يعتزم أن يبذل دمها ودموعها، روحها ونفوسها في سبيل الحياة الكريمة والحرية الإنسانية. إن هذه الحركة هي حركة الشعب العراقي تهدف إلى الحداثة والحرية والكرامة والعدالة ، وإلى بناء المجتمع الحر الذي يزول فيه الإضطهاد القومي والتأخر الإجتماعي، ويتساوى فيه الأفراد تحت مظلة جماعية واحدة وهي مظلة القومية والديمقراطية والعدالة الإجتماعية. إن الشعب العراقي هو شعب حي، له تاريخ مشرق في النضال، لا يساوم على تاريخه وحاضره.ولا يساوم على عزته وكرامته، ومهما حاول السياسيون الطامعون، فإنه سينتصر عليهم ويهزمهم ويدمر إرادتهم العدوانية.فالجماهير المتكاتفة سبيكة وطنية صلدة، لا يمكن اختراقها واضعافها، بل انها تزداد قوة واقتدار مع نمو الحماس والاصرار، والاقدام على الحصول إلى أهدافها الإنسانية العادلة. والشعب العراقي لا يريد إلا القضاء على الفساد والهدر في الدولة ومحاسبة الفاسدين واسترجاع مال الشعب المسروق ثم إلى مكافحة تفشي النفايات والأمراض وتلوّث الغذاء والماء والدواء. ولم يعد للشعب العراقي أمل إلا في انتهاء هذا النظام الفاسد . فإن كتابات الجدران تقول، إن الشعب سينتصر، وأن الحياة الحرة الكريمة ستأكد قريبا، وإن الفساد سيتهاوي، وسشترق شمس الحرية الكرامة الإنسانية في العراق من جديد. merajjnu@gmail.com