ظهور البعث في حياة الأمة العربية ، حدث تاريخي لما يحمله من أهداف عظيمة ، وفي ظروف خاصة تحتاج الى مشروع حضاري يعيد للأمة هيبتها ووجودها كأمة محورية في هذا العالم الذي تهيمن عليه القوى الاستعمارية التي تعمل على تحييد العرب من المشاركة الفعالة في بناء الحضارة الإنسانية ، وذلك بفرض منطق القوة في استغلال ثرواتها واحتلال أراضيها وضرب هويتها لتصبح الأمة مجردة من كل مقومات النهضة ، كما فتح البعث المجال لمن يريد أن يصنع لنفسه ولأمته تاريخا مشرفا من خلال التزامه بالقيم النضالية فكرا وتنظيما ، ويصبح هذا الفرد النموذج للمواطن النظيف المخلص لأمته وحزبه ، ومكانته الاجتماعية . والانتماء للبعث ومن خلال نضاله يتيح الفرصة للمناضلين لتبوء مكانة في السلم التنظيمي ، مكنت للعديد من الرفاق بعدما كانوا أناسا عاديين فرفعهم البعث الى مستويات ، من التقدير والاحترام وجعل منهم عناوين سواء على مستوى الحزب أو على مستوى الحياة الاجتماعية . فالفضل يرجع الى حزبنا العظيم الذي يمتاز عن باقي الحركات السياسية ، بأنه مدرسة للرجال ، فمنهم من يدخلها ويعيش فيها حياة خاصة تختلف عن الحياة الاعتيادية التي يعيشها عامة الناس ، فمنهم من يرسب في بداية الطريق ومنهم يواصل وينسحب في منتصفه ومنهم من يواصل الى درجات عليا من المسؤولية ثم يسقط نتيجة انحرافه الفكري والتنظيمي ، نتيجة طغيان الذاتية فيفقد صفة الإخلاص لتحل محلها المصلحة الشخصية التي تقتله وتضر في آخر المطاف بالحزب ، ومنهم من بقي على العهد مع الحزب والأمة يسهرون ليلا ونهار على سلامة الحزب الفكري والتنظيمي ، ويتحدون بشجاعة وصبر كل محاولات جر الحزب الى وجهة لا تتماشى ومبادئه وأهدافه . ففي هذه الظروف الصعبة التي تعيشها الأمة ويعيشها حزبنا العظيم بعد احتلال العراق هذا القطر العزيز الذي يمثل قلعة من قلاع النضال الوطني والقومي والذي قدم قوافل من الشهداء بدءا بمعركة القادسية الثانية دفاعا عن الأمن القومي العربي ، مرورا بأم المعارك الخالدة المعبرة عن مدى قدرة رفاقنا في القطر العراقي من قيادة هذه المعركة نيابة عن الأمة وفاءا لمبادئ البعث العظيم ، وأخيرا الدخول في معركة أخرى وهي المقاومة ضد الاحتلال الأمريكي الصهيوني الإيراني لأرض العراق الى يومنا هذا ، بقادة الأمين العام للحزب الرفيق عزة ابراهيم حفظه الله ورعاه . فالشهداء الذين سقطوا خلال كل هذه المعارك وفي مقدمتهم شهيد الحج الأكبر صدام حسين هو تعبير صادق عن إخلاص هؤلاء لحزبهم ولأمتهم ، وكذلك بالنسبة للذين على قيد الحياة يقاومون كل المشاريع التي تستهدف الأمة من خلال ضرب قيم الأمة وتعميق حالة التجزئة والتخلف ، ويقاومون كذلك كل أشكال التشكيك ومشاريع الاجتثاث . ففي خضم هذه المعارك تبرز الكفاءة الحزبية التي تعمل على حماية الحزب و تطور أساليب النضال لمواجهة التحديات المتشعبة التي تعيشها الأمة والحزب معا ، من خلال التمسك بالنضال كوسيلة وحيدة لتحقيق الوحدة العربية المنشودة وتحرير فلسطين وتحقيق التقدم والتطور والعيش الكريم لأبناء الوطن العربي الكبير .