تعرض البعثيون بعد غزو بلدنا واحتلاله إلى ظروف قاهرة، لم يتعرض لها حزب سياسي من قبل، تضمنت من بين ما تضمنته التصفيات الجسدية، التي حصلت في كل قرية ومدينة من قبل فرق موت متخصصة إيرانية وأمريكية وصهيونية، وتضمنت اصدار قرارات طرد من الوظائف والاستيلاء على الممتلكات والمصالح وقطع مصادر الرزق والاعتقال، واضطر الملايين من البعثيين تحت ظروف العدوان والتهديد هذه وهم في جُلهم مدنيون عزل إلى مغادرة بيوتهم وقراهم ومدنهم إلى مدن أخرى أو خارج العراق للحفاظ على أرواحهم وعلى عوائلهم، وثمة حقيقة لا بد من تأكيدها هي أن من بقوا في العراق من البعثيين هم الملايين الأكثر، ومن هاجروا هم الأقلية التي تمتلك فرص مناورة للحصول على عمل للعيش، أو ممن باعوا ما يمتلكون في العراق ليعيشوا بها في بلاد المهجر. قد يكون هذا الكلام مكرر واطلع عليه ملايين، لكن ردود الأفعال عليه والتفاعل الجدي الإنساني والقانوني والشرعي معه قد غطت عليه موجات الإعلام الحاقد، التي تضمنت ما لا يمكن لأي عقل بشري أن يتخيله من الكذب والتزوير والرياء والافتراء، بهدف تجريم الحزب وشيطنته لكي تنخفض مناسيب ردود الفعل على الجرائم النازية والشوفينية الشعوبية، التي ارتكبت ضد ملايين من أعضاء الحزب وأنصاره وأصدقائه. ونقولها ببساطة متناهية، إن ما تعرض له البعث من جرائم واضطهاد وظلم وقهر وأنواع العدوان كان يمكن أن ينهي وجود دول كبرى وأمم عريقة، لكن ثبات البعثيين وفي مقدمتهم قيادة الحزب التي برهنت للعالم أجمع معاني ودلالات القوة المادية والروحية التي يتسم بها البعث وأعضاءه ممن انصهروا بروح عقيدة الحزب الوحدوية التقدمية التحررية الانسانية الاشتراكية واعتنقوها، حلاً جذرياً لا بديل عنه لإنجاز التحرر الوطني، وتحقيق الأمن القومي والسيادة القومية، وبناء دولة تضمن للعرب حقوقهم وكرامتهم وتضمن لهم تواصل رسالة تفاعلهم الإنساني الخلاق والمبدع علماً وحضارة ونمواً وتوافقاً مع متغيرات الحياة. ثبات البعثيين وحده هو الذي ضمن لهم البقاء على قيد الحياة، بعد أن خرجوا من المقابر التي حفرتها لهم أميركا وبريطانيا والصهيونية بمعاول إيرانية، وثباتهم الأسطوري وحده هو الذي أتاح بقاء بقع النور تطل من هنا وهناك، لتديم وتغذي آمال تحرير العراق وإنقاذ الأمة العربية التي تتسلط عليها كل خناجر الغدر والغيلة والجشع والشعوبية الفارسية، التي لبست عمامة عربية لتجعل من عموم شعبنا عبيداً ومرتزقة وأُجراء ألا خَسِئت. ثبات البعث والبعثيين هو الرد الوحيد الذي يبقي البعث رسالة خالدة كما ولدت، ويبقي أوطاننا مشروع دولة عربية قد تتضاءل مآلات تحققها، لكنها لن تموت، والذي لا يموت جدلاً يحقق غاياته ويفوز بإرادة الله.