لم تكن الطائفية في العراق معروفة بين أبناء الشعب قبل الاحتلال عام 2003، وما كانت واردة في التقييم للأفراد الذين يتم ترشيحهم لشغل المواقع الوظيفية في الدولة. إن نظام البعث الثوري التقدمي كان يعتمد على الكفاءة كشرط أساسي لنيل أعلى المواقع والمسؤوليات في الحزب والدولة، كما بذل كل ما في وسعه لمنع تسلل الطائفية إلى داخل العراق وتجفيف منابعها؛ إدراكاً منه أن الطائفية هي أكبر معوق لنهضة الشعب وتقدمه. وبعد الاحتلال شكلت الادارة الأمريكية العملية السياسية على أساس المحاصصة الطائفية، ثم زادت الطين بلةً بتسليمها العراق لقمةً سائغةً لإيران التي حاولت بكل ما تملك أن تفرض الطائفية كأمر واقع لتقسيم الشعب ومنع توحده ضد عملائها. لقد أصبحت الهوية الطائفية هي الشرط الأساسي لنيل المناصب في العملية السياسية الجديدة، فنتج عن ذلك تدهور حاد في واقع الدولة وغياب الخدمات الأساسية للمواطنين وتردي الوضع الأمني بسبب تسلم من انعدمت فيهم الكفاءة لمقاليد الحكم. إن المنصب في نظر حكام المنطقة الخضراء ليس وسيلة لخدمة الشعب؛ بل لنهب ثروات الدولة وتسخير مقدراتها لدعم الحكم الفاسد ورموزه، فكان من الطبيعي أن يعم الخراب والفوضى في ظل تسابق القوى السياسية العميلة على تحقيق أكبر المكاسب الشخصية ولو على حساب سيادة العراق واستقراره. لقد أنتجت المحاصصة الطائفية حكماً فاشلاً عاجزاً عن بناء الدولة والنهوض بها، كما أنه غير قادر على تحقيق أي من مطالب الشعب الخدمية. إن فساد الطبقة السياسية التي أفرزتها المحاصصة الطائفية وتبادل الاتهامات ما بين أطرافها بالفساد جعل برلمان اللصوص والقتلة عاجزاً عن محاسبة أي من وزراء الحكومة الفاسدة، بل إنه انشغل بإصدار القوانين التي تمنح الفساد الشرعية وتحمي الفاسدين، لهذا تصدرت سلطة المنطقة الخضراء قائمة الدول الأكثر فساداً في العالم. ونظراً لتبعية الأحزاب الطائفية للنظام الإيراني وصراعاتها المستمرة على غنائم المناصب ومكاسبها؛ فالتوافق فيما بينها مؤقت، والسائد هو تأخرها في تشكيل الحكومة وإكمال قائمة وزرائها. إن اجتثاث الملايين من أحرار العراق جعل الانتخابات فارغة المحتوى، كما أن الذين يتم السماح لهم بالترشح في كل دورة انتخابية هم نفس الوجوه الكالحة التي جاءت خلف دبابات المحتل؛ وما دامت المحاصصة الطائفية قائمة فالتغيير محال وبعيد المنال. ولأن الزمرة الطائفية الحاكمة تعلم بأن الشعب رافض لها ولأسيادها في طهران، فقد أطلقت الميليشيات الإجرامية لتقتل المواطنين وتنهب أراضيهم وممتلكاتهم وتهجر الملايين خارج العراق. لقد أدركت العصابة القابعة في المنطقة الخضراء أنه لا يمكن لها أن تبقى في الحكم إلا باشاعة الطائفية في الإعلام والمناهج الدراسية، فقامت بالإيعاز لأبواقها بالتحريض على الكراهية وتهييج النعرات الطائفية. إن المشروع الوطني الشامل هو الضمانة للحفاظ على وحدة أرض العراق وشعبه والتأسيس لديمقراطية حقيقية بعد التحرر من الاحتلال الإيراني، وإعادة بناء الجيش العراقي ومؤسسات الدولة على أسس سليمة. ويواصل شعب العراق المجاهد يحدو ركبه أبطال البعث الميامين بقيادة الرفيق المناضل عزة إبراهيم كفاحهم الملحمي لتحرير العراق من الاحتلال الإيراني وعملائه. إن يوم النصر المؤزر قادم لا محالة بهمة الثوار البواسل. وما ضاع حق وراءه مطالب.