تواجه القضية الفلسطينية هذه الأيام أخطر التحديات والمخاطر بعد الكشف بشكل جلي عن الدور الأمريكي الحقير الذي لعبته إدارة البيت الأسود في واشنطن ,من خلال رعايتها ما يسمى جزافاً مسيرة التسوية السلمية للصراع العربي الصهيوني مروراً بإتفاق أوسلو الهزيل الذي توج مؤخراً بما عرف عن منظومة أفكار شيطانية رشحت عن صفقة القرن الترامبية والتي جاءت كثمرة لمسيرة خمس وعشرون عاماً من المفاوضات الماراثونية التي جرت بموازاة المزيد من التصعيد في وتيرة الإستيطان والتهويد في الأراضي المحتلة , وكذلك المزيد من المماطلة والتسويف وأعمال القتل اليومي وجرائم الإبادة والتطهير العرقي التي مارسها الإحتلال الصهيوني خلال وأثناء تلك المفاوضات ,وبشكل لافت لا يخفى معه لكل ذي عقل حقيقة النوايا الصهيونية الخبيثة ومن خلفها رأس الأفعى الأمريكي اللذان سعيا معاً طيلة الوقت وتحديداً بعد العدوان الثلاثيني على القطر العراقي الشقيق عام 1991م لتصفية القضية الفلسطينية تماماً ومعها روح العروبة الوثابة , مستغلين غياب الإتحاد السوفييتي وتحييد العراق وعديد الحكومات التقدمية في عالمنا العربي, وحالة التفرد الأمريكي على المستوى الدولي بهدف صناعة وخلق شرق أوسط جديد يكون فيه الكيان الصهيوني الكولونيالي سيد الموقف والمشهد . وإزاء هذه الحقائق الساطعة لحقيقة النوايا الأمريكية الصهيونية وأعلان التيار الليبرالي الفلسطيني العربي هزيمة أفكارهم التي نعتوها بالواقعية بجنوحهم لإكذوبة السلام ودعوتهم لإلقاء السلاح ومغادرة خنادق المقاومة وتوهيم بل وتضليل الشعب والأمة أن تحرير فلسطين وتحقيق الأماني العربية لن يتحقق إلا عبر طاولة المفاوضات مع العدو القاهر, والتي أفضت بعد تلك السنين الطويلة من المفاوضات العبثية الى ما نراه اليوم من نتائج كارثية تتهدد عروبة القدس ومجمل مدن الضفة الغربية وإنعكست سلباً على مسيرة نهوض الأمة بمجملها.... وعليه وبناء على ما تقدم من حقائق ملموسة على الأرض فقد بات لزاماً على كل حر وشريف وغيور في فلسطين وأرجاء وطننا العربي الكبير الوقوف عند مسؤولياتهم الوطنية والقومية تجاه قضايا الأمة المصيرية وقضيتها المركزية فلسطين, وخصوصاً ونحن نقف عند مفترق طرق ومنعطف حاد لا مجال معه للإنحناء وطأطأة الرؤوس ونحن نرى بأم أعيننا ضياع فلسطين وتباعاً ضياع الأمة , مما يعني بالضرورة القصوى السير نحو الإنقلاب الجذري والثورة الشاملة والعميقة بشتى الوسائل والطرق النضالية بما يضمن قلب الطاولة في وجه كل الأعداء ومخططاتهم ومشاريعهم الخبيثة الهادفة الى تصفية القضية العادلة والحؤول دون نهوض الأمة العربية. وبتقديري فإن أولى الخطوات لتحقيق هذا المبتغى النبيل يستوجب تحقيق الوحدة الوطنية والقفز على الإنقسام ومسبباته, والتركيز على المشتركات التي تجمعنا وتجاوز كل ما نختلف عليه في سبيل خوض المعركة المصيرية التي تعني وجودنا وحياتنا ومستقبل أبنائنا وأحفادنا وأجيالنا القادمة وعروبة أرضنا ومقدساتنا ,حيث بات معها من المعيب والمضحك المبكي الإستمرار في الإختلاف على كعكة زائفة ومسمومة ووهم وسراب ندرك معه أيضاً تمام الإدراك أننا مقبلون على مصير مجهول ومعنا كل أحلامنا ومستقبل أجيالنا وعروبتنا صوب المحرقة الصهيونازية التي لا تبقي ولا تذر . إن معركة المصير هذه تتطلب منا أيضا العمل الحثيث على تعزيز الجبهة العربية المساندة والتشبيك مع كل القوى الوطنية والقومية والإسلامية الثورية التقدمية في كافة أقطار الوطن العربي من خلال القفز على جراح الأمة وأمراضها الطائفية المقيته التي تدمي جسد الأمة وتعمل على تفتيتها وتعطيل مسيرة نهوضها , وتوثيق العرى بهدف حشد طاقات الأمة وتسخير جهودها في مسيرة الكفاح الشعبي المسلح وحرب الشعب والأمة طويلة الأمد على طريق تحرير فلسطين كل فلسطين ومواجهة التحديات ودرء المخاطر التي تتهدد مستقبل الأمة وفلسطين وأجيالنا القادمة .