في السادس من تشرين الثاني عام 1914 تعرض العراق للغزو البريطاني الغاشم، حيث اجتاح الانگليز الفاو واحتلوها بعد يومين؛ ثم تقدموا للبصرة التي وقعت تحت الاحتلال البريطاني في الثالث والعشرين من تشرين الثاني عام 1914. وقد واصل الانگليز تقدمهم حتى نجحوا باحتلال بغداد في الحادي عشر من آذار عام 1917، ثم أكملوا طريقهم باتجاه الموصل التي نجحوا بالسيطرة عليها في 15 تشرين الثاني عام 1918. ورغم وقوع العراق تحت الاحتلال البريطاني إلا أن جماهير الشعب لم تخضع ولم تستسلم، ففي التاسع عشر من آذار عام 1918 اندلعت في النجف انتفاضة عارمة ضد الاحتلال البريطاني، وكذلك انتفضت السليمانية ضد الانگليز في الثاني والعشرين من آيار عام 1919. إن العمليات الجريئة للمجاهدين ضد الانگليز على أطراف الموصل وتكريت وتفجير قطار الشرقاط واندلاع انتفاضة تلعفر التي قادها ضباط العراق القادمين من دير الزور والمتطوعين من الموصل في الرابع من حزيران عام 1920، كانت مؤشرات على قرب انفجار بركان الغضب الشعبي العارم ضد الاحتلال البريطاني. وفي الثلاثين من حزيران عام 1920 اندلعت في الرميثة شرارة ثورة العشرين التحررية ضد الاحتلال البريطاني التي عمت العراق كله وتجاوبت معها عشائر العراق العربية وقومياته المتعددة مقدمين التضحيات الجسام من أجل الخلاص من المستعمرين، وقد تعرض الانگليز لخسائر فادحة بالمعدات والأرواح؛ وما مقتل الكولونيل ليچمن في خان النقطة بين بغداد والفلوجة في الثاني عشر من آب عام 1920 إلا دليل على ترنح سمعة الامبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس واهتزاز هيبتها في العراق. إن تشكيل الحكومة العراقية المؤقتة في الحادي عشر من تشرين الثاني عام 1920 التي بادرت لتأسيس الجيش العراقي الباسل في السادس من كانون الثاني عام 1921 ومهدت الطريق لميلاد الدولة العراقية الحديثة في الثالث والعشرين من آب عام 1921، كان أحد نتائج ثورة العشرين الخالدة التي أقنعت الانگليز باستحالة الاحتلال المباشر للقطر وأرغمتهم على القبول بالحكم الأهلي في العراق. لم يكن انعقاد المجلس التأسيسي العراقي في السابع والعشرين من آذار عام 1924 الذي أقر القانون الأساسي أول دساتير العراق في الحادي والعشرين من آذار عام 1925 خاتمة النضال الوطني العراقي، بل كان خطوة مهمة في طريق تحرير العراق من الاحتلال البريطاني. وقد تواصل الكفاح الوطني لتخليص العراق من قيود الانتداب البريطاني المفروض عليه في الخامس والعشرين من نيسان عام 1920، ويتجلى ذلك بوضوح في التظاهرات الوطنية الكبرى التي شهدها العراق ضد الانگليز في الحادي والعشرين من آذار عام 1930، مما مهد لإعلان انتهاء الانتداب البريطاني على العراق في الثالث من تشرين الأول عام 1932. إن تحرر الجيش والسلطة السياسية في العراق من النفوذ الانگليزي هو السبب باتخاذ العراق موقف عدم الانحياز في الحرب العالمية الثانية، مما أغضب الحكومة البريطانية ودفعها للعدوان على العراق في الثاني من آيار عام 1941 الذي جابهه شعب العراق وجيشه الباسل بكل بسالة؛ حتى تمكن الانگليز في نهاية الشهر من قمع ثورة مايس التحررية. لقد ظنت بريطانيا أنها بإجبار الحكومة العراقية على التوقيع على معاهدة بورتسموث الجائرة في الخامس عشر من كانون الثاني عام 1948 تكون قد هيمنت على العراق، ولكن شعب العراق البطل كان لها بالمرصاد بوثبته الوطنية الشجاعة التي أسقطت المعاهدة الجائرة في السابع والعشرين من كانون الثاني عام 1948. إن ثورة الرابع عشر من تموز عام 1958 التي قوضت الحكم الملكي العميل وأقامت الجمهورية على أنقاضه قد مهدت للخلاص التام من الاحتلال البريطاني، حيث خرج العراق من حلف بغداد الاستعماري في الرابع والعشرين من آذار عام 1959 الذي كبل استقلاله وجعله مركزاً للتآمر على الأقطار العربية المتحررة. ولكن بقي نفط العراق رهينةً لدى الشركات الأجنبية الاحتكارية حتى قامت ثورة السابع عشر - الثلاثين من تموز عام 1968 التي عقدت العزم على أن تتخلص من أخر مظاهر الاستعمار البريطاني في العراق، فكان الأول من حزيران عام 1972 بداية الطريق لعملية تأميم النفط التي اكتملت في الثامن من كانون الأول عام 1975 لتتوج سلطة البعث التقدمية كفاح شعب العراق الذي استمر أكثر من نصف قرن ضد المستعمر بالتحرر التام من القيود الأجنبية. ويواصل شعب العراق الثائر وفي طليعته صناديد البعث بقيادة الرفيق المجاهد عزة إبراهيم كفاحه العادل ضد الاحتلال الإيراني؛ مسترشداً بتراث نضاله ضد الاحتلال البريطاني في القرن الماضي. إن فجر الحرية قادم لا محالة بهمة أحرار الشعب ومناضليه. وما ضاع حق وراءه مطالب.