لقد كان العراق قبل غزوه في العشرين من آذار عام 2003 بلداً آمناً لا مكان فيه للجماعات والعناصر الإرهابية، بفضل يقظة القيادة وأجهزة الدولة وسرعتها في إنزال العقوبات الرادعة التي يقرها القانون بحق المجرمين. كما كان العراق أيام حكمه الوطني بلداً ملتزماً بالقانون الدولي ومواثيق الأمم المتحدة ومؤمناً بقيم عدم الانحياز، وضابطاً لحدوده مسالماً في علاقاته بدول الجوار إلا في حال الدفاع عن النفس والحقوق المشروعة. ولكن بعد الاحتلال الأمريكي للعراق في التاسع من نيسان عام 2003، حل الخراب والفوضى في العراق جراء سياسات إدارة بوش واعتمادها على إيران وعملائها في ترسيخ النظام الجديد، الذي سرعان ما أصبح خطراً على المنطقة بدعمه للإرهاب وإيوائه للعناصر الإجرامية وزعزعته لأمن دول الجوار وتهديده للسلم الدولي. ثم زادت إدارة أوباما الطين بلةً بتسليمها العراق لقمةً سائغةً لإيران؛ التي تمددت في المنطقة وعاثت خراباً في سوريا واليمن ولبنان بمعونة أتباعها القابعين في المنطقة الخضراء. لقد ارتكبت حكومة المنطقة الخضراء وميليشياتها أبشع الجرائم بحق أبناء الشعب العراقي، حيث أقدمت عناصر ما يسمى الحشد الشعبي على قتل مئات الآلاف وتشريد الناجين من غياهب سجونها السرية والعلنية وتدمير البيوت والجوامع والمرافق الحيوية واحتلال أراضي المواطنين بالقوة الغاشمة. إن الاحتلال الإيراني ليس بخافٍ على أحد حيث تتحكم إيران بقرار حكومة المنطقة الخضراء من الألف إلى الياء، ويصول عناصر الحرس الثوري الإيراني ويجول أفراد فيلق القدس الإيراني في كل شبر من العراق ويتواجدون في كل مفصل من مفاصل الدولة؛ بل إن سيارات الشرطة الإيرانية تدخل إلى العراق وتخطف المواطنين في وضح النهار وتقتل المناوئين لها ويتباهى حكام إيران بأن العراق محافظة إيرانية دون خوفٍ أو وجل. إن ممارسات إيران في المنطقة العربية فاقت جرائم الاحتلال الأمريكي والصهيوني والبريطاني والفرنسي من قبل، لهذا فإن أحرار العراق والأمة باتوا مدركين لحقيقة مفادها أن إيران العدو الأول لهم وأن التخلص من احتلالها يستوجب التضحيات كافة ويستحق أغلى الأثمان. لقد دفعت الأوضاع المزرية في العراق وغياب الخدمات وفساد السلطة وإجرامها، الشعب أن يترحم علناً على أيام النظام السابق ويطالب بعودة البعث، بل إن كثيراً ممن كانوا في العملية السياسية وخرجوا منها اعترفوا بأنه لا يمكن القضاء على النفوذ الإيراني بدون البعث. إن البعث الذي قدم ما يزيد عن مئة وستين ألف شهيد في مقارعة الاحتلال الأمريكي والإيراني للعراق يحق له أن يكسر الحصار السياسي وقوانين الاجتثاث والملاحقة لأعضائه ومصادرة أملاكهم بأي وسيلةٍ كانت. ويعلم جميع أهل الأرض علم اليقين أن من جاء للعراق خلف الدبابات الأمريكية هم عملاء إيران في المنطقة الخضراء وليس البعث، وأن من قاوم الاحتلال هو البعث والقوى الوطنية وليس أذناب إيران الذين كانوا كلاب حراسة للمحتل. إن مؤتمر واشنطن الذي سينعقد في الثالث عشر من آذار عام 2019 وينظمه البعث والقوى الوطنية المناهضة للاحتلال الإيراني تطور مهم ومنعطف تاريخي في مسار القضية العراقية، لأنه ينعقد في عاصمة البلد الذي قام جيشه بغزو العراق واحتلاله وتسليمه لإيران مما يؤكد أن مقاومة البعث والقوى الوطنية وصمودهم أدت للتأثير على الشعب الأمريكي ونخبه الفاعلة ودفعها للضغط على الإدارة الأمريكية وتغيير موقفها السلبي تجاه العراق. إن أحرار العراق لا يطلبون من أمريكا احتلال العراق مجدداً بل يطالبونها بأن توقف أي شكل من أشكال المساندة للزمرة الحاكمة في بغداد وأن لا تصم أي حراك للشعب في إعلامها بالإرهاب كمبرر لسحقه، وهم يؤكدون على قدرتهم على إزالة الحكم العميل في المنطقة الخضراء وتخليص المنطقة من شروره. ولو فرضنا جدلاً أن أمريكا أزاحت من جلبتهم سابقاً للعراق عن الحكم وأوقعت بهم العقاب؛ فإن هذا الأمر يعد استجابةً لما جاء في المواثيق الدولية التي تلزم المعتدي أن يكف عدوانه ويزيل آثاره، وكذلك للأعراف والشرائع التي تجبر المخرب أن يصلح ما خربه ويعوض من تضرر منه. لقد أرعب التحضير لمؤتمر واشنطن إيران وعملاءها في المنطقة الخضراء فنسجوا الأكاذيب بحق البعث والقوى الوطنية، وحاولوا التشويش على الجماهير بعقد مؤتمرات هجينة لا تمثل مطالب شعب العراق التحررية. إن أبطال البعث والقوات المسلحة الذين تصدوا بشجاعة واقتدار للعدوان الإيراني على العراق في منازلة قادسية صدام المجيدة وجرعوا الدجال خميني سم الإقرار بالهزيمة في يوم النصر العظيم في الثامن من آب عام 1988، هم المعول عليهم في القضاء على المد الإيراني التوسعي قضاءً مبرماً. ويواصل شعب العراق المجاهد كفاحه البطولي ضد الاحتلال الإيراني وعملائه في المنطقة الخضراء حتى تحقيق النصر المبين. إن يوم التحرير الناجز للعراق قادم لا محالة لأنه لا يمكن للغزاة وأدواتهم أن يقهروا إرادة الشعب التواق للحرية. وما ضاع حق وراءه مطالب.