تقاس قوة الأفعال والأحداث كالندوات والمؤتمرات والاجتماعات المختلفة بردود الأفعال التي تصدر عن المقررات والتوصيات التي يتضمنها عادة البيان الختامي الصادر عنها، غير أن مؤتمر واشنطن المزمع عقدة في العاصمة الأمريكية يوم 13-03- 2019 قد خرج عن هذا السياق المتعارف عليه وأخذ شطرا مهما من ردود الأفعال قبل انعقاده فضلا عن التكهنات والتدخلات غير الحميدة والمؤامرات التي حيكت بدءا من المنطقة الخضراء إلى مشيغان حيث توجد جالية عراقية مهمة تحتوي العديد من الجغرافية الحزبية العراقية، ومن خلال امتدادات خبيثه للمليشيات الفارسية ومن ثم وصولا إلى العاصمة السياسية واشنطن. تفنن المتربصون بالمؤتمر بأنواع الأنشطة المعادية له من بينها إصدار بيانات تتضمن انشقاقات ومواعيد بديلة ومتداخلة وخلط للمواعيد بقصد خلط الهويات التي نتجت عن الأنشطة المعادية للمؤتمر والتي رسمت لتفتيت الجهد وتشتيته وبعض تلك البيانات صيغت بخبث والتباس مغمس بتذاكي مفضوح، وتضمنت الأنشطة المحمومة أيضا تناول بعض الشخصيات الوطنية التي تتولى مهمات الإعداد للمؤتمر بالنقد والتجريح والتسقيط والتهميش والتشهير وبخس الشخصية والطعن اللئيم. لم كل هذا الضجيج والصراخ ضد مؤتمر يقيمه عراقيون مقيمون في أمريكا تحت يافطات عريضة هي إنقاذ العراق من الاحتلال الإيراني ومن إجرام المليشيات الفارسية وفساد العملية السياسية وإجرامها وتضييعها لثروات العراق وتفريطها بسيادته وتجويعها لشعبه؟ بوسعنا أن نقول إن ردود الأفعال المسبقة على المؤتمر واللغو الإعلامي ضده قد خرج عن كل الأطر والسياقات المألوفة، وهذا يدل بوضوح تام على أن عقد المؤتمر فيه خطرا حقيقيا على السائد في العراق منذ عام 2003 وفزة مصحوبة برعب وافتجاع للأرواح المجرمة التي ظنت أن حزب البعث ومعه كل أحرار العراق ومن خلفهم شعب العراق وكل نجباء الأمة والإنسانية قد هلك وانتهى، فضلا عن ارتعاش وارتجاف وارتهاب لأرباب الخيانة والعمالة الفاسدين القتلة لأنهم ظنوا أن البعث لن يتمكن من اقتحام أسوار العداء الأمريكي ولن يجد منفذا عبر الجدران السميكة للحصار السياسي والإعلامي المفروض عليه ظلما وعدوانا. نعم.. لقد فزّت الأجساد التي تراكم حولها ثقل السمنة وانغلاق العقل وتصورت خاطئة أن أطنان الممارسات الإعلامية والسياسية والإجرامية التي كفرت البعث وجرمته وشيطنته وبشّعت وجهه الأبيض الناصع ولوثت سمعته النقية كنقاء ماء المطر قد كانت كافية لفناء البعث ودفن عقيدته وفكره ورجاله، فجاء المؤتمر ليقرع في الآذان الموقورة أجراس البسالة والإقدام والبطولة والحكمة ونتائج الصبر واستغاثات دماء الشهداء والأرامل والأيتام والمغيبين في سراديب الاعتقال الوحشية التي ظلت لستة عشر عاما تصل تربة العراق بأركان العرش الرباني المقدس بنسغ لا ينقطع. لقد غرق الواهمون في سبات وهمهم وركنوا إلى مظاهر غطت الواقع نتجت عن جرائمهم بقتل وتهجير واعتقال وإغراق البعث تنظيما وفكرا بالإعلام المبغض الثأري المريض حتى خيل لهم أن البعثيين الذين هاجروا بعقيدتهم وأرواحهم ودينهم وعوائلهم ولقمة عيشهم قد غادروا البعث وهجروه، وهذا التفكير العليل ناتج عن إسقاط نفسي للخونة والعملاء مفاده أن غياب وسلب الوظيفة والراتب التقاعدي والوطن والأهل والعشيرة سيجعل البعثيين يهجرون حزبهم ومن يعيش منهم في أمريكا أو أوروبا أو غيرها ينسى حزبه وعقيدته ووطنه. فمفاجأة مؤتمر مشيغان وواشنطن الذي سينعقد يوم 13آذار- مارس 2019 في جزء مهم منها تقع تحت هذا التوصيف. لقد توهم الواهمون.. غير أن حقيقة البعثيين الرساليين الأحرار الأوفياء أنهم أهل وطن وأمة وقضية لا تفنى أبدا أينما عاشوا ورغم كل ما يحل بهم من كوارث. إنهم أقمار لا تحيد عن ديدنها وشموس لا تنقطع إشعاعاتها، لذلك ظلوا يترقبون ساحات أمريكا وأوروبا وكل العالم ويدرسون بعناية نفاذ إعلامهم الثائر المقاوم المضاد فيها مثلما يرقبون انعكاسات الفشل الكارثي للاحتلال الأمريكي للعراق ووقوع أمريكا في فخ الاستغلال والتغول الفارسي الناتج عن أخطاء استراتيجية وقعت بها أمريكا سواء في قرار الغزو والاحتلال أو في قرارات التعاقد والشراكة مع إيران وأعوانها.. ظلت عيون الصقور مفتوحة وهي تحلق في فضاء الجهاد والنضال ثم انقضت فور انفتاح أول باب وفور ظهور أول علامات التصدع في موقف الإدارة الأمريكية التي أعلنها ترامب واعترف فيها سواء من حيث خطأ قرار الغزو مرة ومن حيث تهالك نتائج الغزو والاحتلال مرة أخرى. انقض صقور البعث وهم نخب أكاديمية وإدارية ومحترفة لعناوين أخرى تخصصية في الإعلام والسياسة والعلاقات وغيرها، فجاء مؤتمر مشيغان لطمة تاريخية أعلنت عن نفسها في قلب أمريكا عن الحرب على الاحتلال الفارسي وإدانة الاجتثاث والعملية السياسية ودعوة الأمريكان إلى مراجعة صفحات سوداء سجلت عليهم وعلى حلفائهم ومحصلتها الإجمالية تحويل العراق إلى بلد فاشل وثروات منهوبة وضيعة تابعة لحكومة الولي الفقيه في طهران. مؤتمر واشنطن في 13آذار 2019 سيبني على نتائج مؤتمر مشيغان وسيوسع دائرة الوصول إلى العقل الأمريكي الخاص والعام وسيرفع مطالب شعب العراق بإلغاء العملية السياسية وإقامة حكومة وطنية انتقالية تأخذ على عاتقها تغيير الدستور ورسم صيغة الحكم التعددي الديمقراطي وتعويض العراق وشعبه وطرد الاحتلال الإيراني وعملائه وإلغاء الحظر على البعث وإلغاء قوانين الاجتثاث وملحقاتها. إنه مؤتمر يوحد الفعل العراقي الوطني الإعلامي والسياسي ليكون مثابات ومنطلقات فاعلة لتيارات التأثير العراقي على الرأي العام الأمريكي والعالمي لإنقاذ العراق وتحريره وإعادته حرا سيدا واحدا مستقلا استقلالا ناجزا يحكمه أبناؤه بلا طائفية ولا محاصصات ممزقة للوطن وللشعب. إن الجهد البعثي ومن يشاركه من أحرار العراق في مؤتمر واشنطن في 13آذار سيكون خطوة على الطريق وهي خطوة نحسبها من بين مسيرة مقاومة شعبنا وطليعته البعثية والوطنية للاحتلال وإفرازاته ومنتجاته والله هو المعين.