مازال اكثر من 10 مليون عراقي مشرد في الخارج والداخل .. ومهما يكن حال وعيش وامان المغترب في الخارج لكن الحنين الى الوطن لا تقارن آلامه باي شيء ! فالغربة للأحرار .. ذبح ! رغم ان ظروف التغّرب او التشّرد تتفاوت ، لكن المعاناة واحدة وان اختلفت ظروف وحالات الاغتراب ، وحتى من كان أصلاً في خارج البلد بحكم العمل واضطر ان يكون مغترباً ولاجئاً رسمياً ،بعد ان كابر وصبر و صمد في تدّبر امر العيش الصعب لبضع سنوات لفقدانه كل شيء بعد خدمة لأكثر من ثلاثة عقود! ولم تعينه شهاداته العليا واختصاصه ومهاراته وخبرته في "بلاد العرب اوطاني .. ؟!"على إيجاد فرصة عمل توفر لقمة عيشه وعائلته لأسباب وذرائع لا نجدها الا لدى انظمتنا العربية ؟! والمأساة والالم الأمضى لهذا النمط من المشردين انه لم يلمس ضنك وألم ومعاناة الغربة التي باغتته في أواخر حياته وفي سنواته الأخيرة التي اضطّرته الى طلب اللجوء ليقهره الانتظار المذل سنوات قد تنتهي بالرفض والترحيل!؟ فضياعه مضاعفاً وهمّه كبيراً ومعاناته تتسع الى الحد الذي يدخله في دوامة القلق النفسي والضياع الفعلي بعد ان يرى أحلامه وما كان يرسمه لأولاده من مستقبل قد ذهبت ادراج رياح ديمقراطية الغزاة، وهو لم يصدّق ان شيخوخته ستكون بهذه النهاية ،ولا أمل في حال الوطن الذي لم يحصل ما يوحي بانه سيصلح في ظل محتلين حاقدين وسلطة فاسدين ومنتقمين! هم يتحملون مسؤولية تشريد وهروب الملايين ممن فقد اباً او ابناً او اخاً او صديقاً او جاراً او عائلة وتكبد الويلات ومخاطر الطريق والمبيت في الغابات والوديان ووقفة العطش والجوع والمهانة على حدود هذا البلد او ذاك اذا لم يمسك او ينجو من الغرق وسط البحار على قوارب المهربين المطاطية وبأجور خيالية وبحمولة تفوق طاقتها بشكل مضاعف ، ومنهم من ثكل بابتلاع مياه البحار عائلته او عزيز عليه ليستقر في بطون الحيتان ، فهؤلاء يعادون من حيث اتوا بعد حجز في معسكرات اشبه بالمعتقلات!! وقد ارتضى البعض الذي لم يكن لديهم أي خيار العيش في نهايات العالم حيث الثلوج والبرد وغياب الشمس ولا انيس سوى الدببة والضواري ،اذ هرب الكثيرون كما حصل مع فنان مشهور وغيره ،او مات رعباً وكمداً كما حصل للكثيرين ،ماتوا وعيونهم صوب العراق درة الاوطان بعد ان فرط بهم حكامهم ليجدوا من يأويهم ويؤمن وضعهم الصحي ومنحة للعيش المحدود مع ذل الانتظار والتعداد الشهري وهو ما يشعر به المرضى والشيوخ وكبار السن !؟ هذه المنحة الإنسانية لا تمنحها كل دول اللجوء، مع انها واجب انساني تشارك فيه كل الدول وبنسب متفاوتة في صناديق الأمم المتحدة ومنظمات حقوق الانسان والمنظمات المرتبطة ! اما الشباب والبقية عموماً ،وقد يفلت منهم البعض ليواصل دراسته وهم قلة بسبب المغريات وحياة الضياع والانفلات التي ، لا محال ،تجرفهم بعد عجز ثنيهم تحت مظلة الحريات ومنع الاجبار وممارسة الضغط! فمن يجد عملاً يستهلك تماماً في اعمال خدمية بعضها وضيع وأخرى خطيرة ، ووظائف لم ولن يرضى بممارستها لو كان في بلاده، فهناك، على سبيل المثال ، وهو ما استغربت له، طبيب واخرون منهم من كان ضابطاً او مهندساً يعملون سواق باص !؟ومهندسون وموظفون كانوا معززين مكرمين يعملون ، في مستشفيات العزل الخطيرة او في الصيد او العمل على المراكب في بحار مخيفة او في قطع أشجار الغابات في ظروف قاهرة ، اسر تفككت ، وطاقات تبخّرت ،وشباب ضاع، فمن لم تجرفه تيارات الاغراء الكثيرة يتعبه الركض وراء أي عمل يعتاش منه بعد ان يجتاز اكثر من دورة دراسية لاي عمل يريد الالتحاق به فحتى الحلاقة او حراسة ردهات العجزة او المجانين ومرافقتهم تحتاج الى شهادة والا فلا عمل لاسيما وان اهل البلد المضيف لهم الأولوية في كل شيء !؟ ان الغريب معذّب ،ان حلّ لم ينعم وان ضعنا؟!.