في فجر السابع عشر من كانون الثاني عام 1991 وقع العدوان الثلاثيني الغاشم على العراق، والذي كان عدواناً همجياً حاقداً حيث استخدم المعتدون الأسلحة المحرمة دولياً ومنها اليورانيوم المنضب الذي تم استخدامه بكثافة ولا تزال حتى اليوم آثاره ماثلة للعيان في العديد من مناطق العراق التي تعرضت للقصف الوحشي آنذاك؛ فقد انتشرت الأمراض القاتلة وتزايدت نسبة الإصابة بأمراض السرطان. لقد تم تقدير القوة التدميرية التي استخدمها العدو بما يعادل ثمانية قنابل ذرية بحجم التي ضربت بها أمريكا اليابان عام 1945 في ختام الحرب العالمية الثانية، لهذا يصح القول بأنها حرب دولية ولكن ضد بلد واحد وهو العراق. لقد استهدف الأشرار الجسور والمباني والأسواق وتجهيزات الكهرباء والماء، ووصل قصفهم حتى إلى بيوت الشعر التقليدية في البوادي والصحارى. وتجلى الشر كله والحقد في جريمة قصف ملجأ العامرية في الثالث عشر من شباط عام 1991 بالصواريخ الحرارية، فاستشهد فيه مئات المدنيين العزل من الأطفال والنساء والشيوخ الذين احتموا به من غارات حلف الأشرار العشوائية. وما إن حل يوم الرابع والعشرين من شباط عام 1991 حتى بدأ هجوم قوات التحالف البري الوحشي بعد أربعين يوماً من ما أسموه القصف التمهيدي الذي لا يمتد سوى ساعات أو بضعة أيام على أقصى تقدير في الحروب عادةً، مما يؤكد أنها كانت حرباً لتهديم العراق وليس لتحرير الكويت كما زعموا. وفي الثامن والعشرين من شباط عام 1991، أعلن المجرم بوش الأب توقف العمليات العسكرية القتالية ضد العراق ودعا في خطابه شعب العراق وقواته المسلحة للثورة على النظام، وكانت هذه الدعوة المغرضة بمثابة كلمة السر لتبدأ حوادث صفحة الخيانة والغدر. حيث هاجم الغوغاء قطعات الجيش المنسحبة من الكويت واستولوا على الأسلحة والمعدات وارتكبوا أبشع الجرائم بحق أبناء الشعب، وأقدموا على تدمير دوائر الدولة وحرق سجلات النفوس ونهب ممتلكات المواطنين وعاثوا خراباً في مناطق الفرات الأوسط والجنوب والشمال. ولكن جيش العراق الباسل وكما تصدى بشجاعة للعدوان الثلاثيني الغاشم؛ تمكن من دحر الزمر الإجرامية القادمة من إيران وإعادة الأمن والأمان لسائر المحافظات التي شهدت حوادث التخريب. وأكدت تلك الأحداث التعاون الإيراني مع الإدارة الأمريكية والحلف الأطلسي والكيان الصهيوني والتنسيق المشترك لزعزعة أمن العراق وسيادته، ولكن شعب العراق وجيشه الباسل وقيادته الوطنية كانوا بالمرصاد لحلف الغادرين. وتحت شعار ( يعمر الأخيار ما دمره الأشرار ) أعيد بناء ما دمره العدوان خلال فترة قياسية، حيث تم إعادة الخدمات الأساسية وشبكات المياه والكهرباء والطرق والجسور والمباني والاتصالات في بضعة أشهر رغم الحصار الدولي الجائر بإشراف ومتابعة الرفيق الشهيد القائد صدام حسين. لقد كانت منازلة أم المعارك نصراً مبيناً للعراق والأمة، وما صواريخ العراق الحسينية التي دكت الكيان الصهيوني خلال الفترة من الثامن عشر من كانون الثاني عام 1991 وحتى السادس والعشرين من شباط عام 1991 وأدت لقتل وجرح مئات الصهاينة وتدمير العديد من الأهداف الحيوية العسكرية والاقتصادية والاستيطانية للعدو إلا دليلاً ساطعاً على انهيار سمعة العدو الصهيوني وهيبته ومعه حلفاؤه في أمريكا والغرب. إن العدوان الثلاثيني الغاشم عام 1991 كان مقدمة للغزو الأمريكي للعراق واحتلاله وإسقاط نظامه الوطني عام 2003 وبث الفوضى والخراب في القطر وتسليمه لقمة سائغة لإيران؛ التي تهيمن اليوم على عدة عواصم عربية بمعونة حفنة من الخونة والعملاء. ويواصل شعب العراق المجاهد كفاحه العادل ضد الاحتلال ومخلفاته المتمثلة في العملية السياسية الفاسدة حتى تحقيق النصر المبين. إن يوم التحرير الناجز آت لا محالة بهمة وعزيمة المناضلين يحدو ركبهم أبطال البعث الميامين. وما ضاع حق وراءه مطالب.