ما بين غمضة عين وانتباهتها سوف يصبح السجان مسجونا الكثير من الإنتهازيون والإنهزاميون وفاقدي الامل الذين أنهار إيمانهم بقضيتهم وأنتابهم الشكّ في عدالة ونبل الهدف وأصيبوا باليأس وسيطر عليهم العجز وتملّكهم عدم القدرة على مواصلة الطريق كانوا يقولون لنا إن التفاؤل بالنصر ليس له رصيد على أرض الواقع فكيف يمكن لكم وانتم لا تملكون من المقومات سوى القليل من الأسلحة الخفيفة أن تصمدوا أمام جيش مدجج بالسلاح ويملك أقوى ترسانة عسكرية ومساند من 30 دولة ، كيف يصدق هذا التفاؤل ؟ وما هذا الكلام إلا مجرد كلام نظري بعيد كل البعد عن الواقع . نحن كنا نعرف أننا في حرب سجال سنقتل فيها ونُقتل، وسنُهزم فيها وننتصر، وستُقصف فيها بيوتنا ونَقصف قواعد أعدائنا، وسنحرق همراتهم و يردون ويحرقون سياراتنا وسنخاف فيها ويخافون فيها، كنا نعرف أن هذه هي الحرب ولكننا كنا نعرف النتيجة وكنا نراى النصر بأم العين عندما تنفجر عبوة على رتل امريكي أو يطلق صاروخ على قاعدة امريكية وكنا نرى حلاوة النصر . كنا نرى النصر في وجوه الشهداء وفي دموع أمهات الشهداء وابتسامات آباء الشهداء، وفي عزم المجاهدين كنا نرى النصر الذي رآه الناس جميعاً يوم خرج المحتل مهزوما وقالها لنا الرفيق المرحوم القائد المؤسس احمد ميشيل عفلق رحمه الله قبل اربعين عام ( ايها الرفاق : النصر الاخير لنا لاريب في ذلك ) . هناك تضحيات وبطولات وعمليات جهادية لرفاق البعث ضد المحتل الامريكي لم تحدث في العالم وبالتاريخ القديم والحديث من شجاعة وبطولة هؤلاء الرجال الذين يثبتون شاردات الخيل ما جفلت خيولهم ولا ارتدّت بهم الى خلف يوم وقيعة في كل معترك كانوا الرماة والكماة والفرسان وعندما يحين الوقت المناسب بعد تحرير العراق من عملاء ايران سوف تذكر العمليات وبالأسماء والتوثيق المصور وعند ذلك لا يبقى لمدجل ومطبل ومن يدعون المقاومة في فنادق الخليج حجج .. وهكذا فقد أثبتنا هذه الحقيقة التي لم يكن يصدقها بعض المتخاذلين ، أننا قادرون على هزيمة الامريكان وقادرون على دحرهم من أرضنا حتى ولو كان عددنا قليلاً وعدتنا بسيطة، هذه الحقيقة التي كانت غائبة عن بعض العقول لم يعد هناك مجال لإنكارها أو تجاهلها، ليس القتال هو الذي صنع النصر، القتال كان دليلاً وشاهداً منا أمام ربنا على صدقنا، وثباتنا على مبادئنا هو الذي أنزل النصر والنصر هو وعد إلهي مؤكد ينزله الله على من يحمل قضيته عنواناً للجهاد في سبيل الله، وهذا النصر لا يتطلب التجهيز الكامل والعدة العسكرية المتفوقة، بل يحتاج إلى إرادة وعزيمة وصبر وثبات، يحتاج إلى نية صادقة وفعل صادق . البعثيون لم يكن أحد منهم يفكر بالدنيا ولا بحطامها، كانوا يفكرون بالله والعراق وشعب العراق قدموا أولادهم وأنفسهم وأهليهم وأخوتهم وصبروا وتحملوا كانوا يرون الله ويطمعون برضاه ورضوانه وبتوفيقه وبنصره، ولذلك كانت المقاومة التي قادها البعث من أبرز المصاديق التاريخية ومن أبرز المصاديق المعاصرة لقوله تعالى ( إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ ) أيها البعثيون المجاهدون لقد اذن الله بنصركم هيئوا انفسكم وتوكلوا على الله, بشائرُ النَّصرِ قد جاءت مدوِّيةً ... لاحت في سماء العراق لتطرد المحتل الصفوي وازلامه , وانتم رجال المرحلة. أيها الرفاق الظروف الصعبة تبحث عن فرسانها ويرتادونها فرسانها ولا يتجنبوها , ولكن علينا أن نأخذ العبر من الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة دخلها دخول نبي كريم، دخول من أرسله الله رحمة للعالمين، ولم يدخل دخول المنتصرين الجبارين الذين يبطشون وينتقمون من أعدائهم الذين أخرجوهم من ديارهم وأموالهم وآذوهم وقاتلوهم، بل قابل ذلك بالعفو الكريم، والصفح الجميل، ولو شاء أن يثأر وينتقم لفعل، ولكن هذا ليس من طبعه ولا من أخلاقه ـ صلى الله عليه وسلم ـ، الذي سبق أن جاءه ملَكُ الجبال فعرض عليه أن يطبق على من آذاه الجبلين، فقال ـ صلى الله عليه وسلم ـ : ( بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده لا يشرك به شيئا ) . والرسول الكريم في قمة انتصاره وتمكينه، يقطف ثمار صبره وصبر أصحابه وجهادهم، فتحا مبينا، دون علو في الأرض ولا فساد، بل في تواضع لله، وعفو جميل عمن أساء إليه، فقال قولته الشهيرة لمن حاربه وآذاه هو وأصحابه: ( ما ترون أني فاعل بكم ؟، قالوا: خيراً، أخ كريم، وابن أخ كريم، فقال: أقول كما قال أخي يوسف: { قَالَ لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ }، اذهبوا فأنتم الطلقاء . الرفيق المناضل صلاح المختار ( ماذا نحتاج في هذه اللحظات التاريخية الحاسمة ؟ المطلوب من نساء العراق ان يتدربن على زغاريد النصر بسرعة ، لانها ليست مثل زغاريد الاعراس الاسبوعية ، والمطلوب من محلات بيع الزهور ان تعد كميات كبيرة من الورد لتنثر على مواكب المجاهدين، وهم يستعرضون قواتهم في ساحة الاحتفالات الكبرى )