استوقفتني وهزتني بنفس الوقت كلمات قصيدة رائعة ومحزنة ومؤلمة .. لاأعرف شاعرها ولا من انظمها .. هذه القصيدة تحكي قصة معلم عراقي اصابه البوس والظلم والعذاب فاصبح يكد ويعمل ليسد رمق عائلته التي لاتجد من يقف الى جانبها . بعد ان سلب الاحتلال والغاصبين للعراق حقوقه ووجبات الجميع وشرد وطرد من كان بالامس يربي ويخرج الاجيال لتبني مستقبلنا الزاهر .. فاصبح هذا المعلم ومثله الكثير لايجد مايسد رمقه وعائلته بعد ان جردوه من مهنته الانسانية .. وبعد ماسرقوا له مرتبه وقوته وابعدوه عن اجمل مهنة كان يمارسها وهي ( مهنة المعلم المربي ) الفاضل الذي صنع ولايزال يصنع رجال العلم والمعرفة والمستقبل المشرق .. لاأريد ان اطيل عليكم اوجاعكم وانتظاركم لتسمعوا وتقرؤا ماقاله طالب من العراق دخل يوما مطعما فوجد استاذه الذي درسه يعمل ( خبازا ) في هذا المطعم نتيجة منع الرواتب عنه فصور هذا الطالب النجيب هذه المأساة والمعاناة لهذا المعلم الوقور الذي لم يركع اويخضع لمغريات السلطة والحياة .. لوارد ان ينهج نفس نهج الخونة واعوانهم لما كان يعمل في هذه المهنة الشريفة .. لكنه ابى على نفسه ووقاره الا ان يحترم شيبته ومبادئه وكرامته ويأكل اولاده من عرق جبينه .. ماكان لهذا الطالب النجيب والغيور الا ان يصور حال معلمه بهذه القصيدة حيث يقول فيها.. (ماذا اقول وقد رأيت معلمي في مطعم الخضراء يعمل طاهيا ياليتني ماعشت يوما لكي ارى من قادنا للسعد اضحى باكيا لما رآني غض عني طرفه كي لااكلفه واصبح لاهيا هو محرج لكني ناديته يامن ( انرت الدرب ) خلتك ناسيا فاجاب ( مبتسما ويمسح كفه .. اهلا بسامي مثل اسمك ساميا ) ان كنت تسال عن وجودي هاهنا فالوضع اصبح بالاجابه كافيا قطعوا الرواتب يابني وحالنا قد زاد سوءا بعد سوء خافيا .. الجوع يسكن بيت كل معلم والبؤس درسا في المدارس ساريا ان لمتني عما فعلت مصارحا فاليك اطرح يابني سواليا ان عدت للتدريس اين رواتبي او كيف اطعم يارعاك عياليا او كيف ادفع للمؤجر حقه ان جاء يطلبني ويصرخ عاليا او كيف اشرح للعيال دروسهم وانا افكر كيف ارجع ماشيا اوكيف اعطي من تميز حقه وانا افكر ماعلي وماليا الكلب اصبح سيدا واللص اصبح قاضيا وانا المعلم لم اعش في العمر يوما ساليا افنيت عمري في العمل ماكنت يوما عاصيا ان غبت يوما فربما رفع المدير غيابيا وموجهي ان زارني ماكان يوما راضيا سرق اللصوص رواتبي شلوا حقوقي وحاليا بنتي تموت من الالم والابن يمشي حافيا من اجل اطفالي ابيع عيني وقلبي راضيا يامن ستقرأ قصتي ارسل الينا الشاريا من ذا يلوم معلما ان صار يعمل ساقيا او عاملا في ورشة او في المطاعم طاهيا او ان رآه بمسجد مادا يديه وباكيا لقد كانت في حقيقة الامر قصيدة مؤلمة ومؤثرة وواقعية وقد حصلت بعد الاحتلال ودخول الغازي الى وطني كثير من المفارقات الحزينة وقد تدمي القلب على كافة الاصعدة في المجتمع .. فهل هذا جزاء من يربي ويخرج الاجيال ليصبح ضائعا في متاهات الحياة ويعمل ليل نهار ويكد ليجمع مايسد رمق عائلته التي ابى الا يربيها ويعلمها كما كان يفعل مع طلابه .. تبا وسحقا للخونة المارقين سارقين الضحكة من شفايف اطفالنا .