شبكة ذي قار
عاجل










في كل مرة تبدو فيها التشكيلة الحكومية باتت قاب قوسين أو أدنى من الإعلان عن مراسيمها، تعود الأمور إلى المربع الأول وتبدو الأمور أنها ليست تبسيطية إلى الحد الذي يتصوره البعض. فبعد سبعة أشهر على التكليف، ما زال لبنان بدون حكومة، وهذه ليست المرة الأولى التي تطول فيها المدة ولا تشكل حكومة في لبنان. لكنها المرة الأولى التي تبرز فيها كثرة العقد الظاهرية بحيث كلما حلت واحدة، برزت أخرى، بعضها يرتبط بتوزيع ما يسمى بحقائب الوزارات السيادية وبعض أخر يرتبط بحقائب الوزارات "الدسمة". وإذا كانت حقائب الوزارات المسماة سيادية لم يتم التوقف كثيراً عندها، إلا أنه ما يلفت النظر هو "المكابشة" الحاصلة على حقائب الوزارات "الدسمة" والتي أضيف إلى الأشغال والطاقة والزراعة والاتصالات وزارتي البيئة والصناعة، وهذا ليس لأن المعنيين والراغبين بالبيئة والصناعة لديهما الحرص الشديد على تنفيذ سياسة بيئية وصناعية تستجيب والحاجة الشعبية والوطنية لبيئة نظيفة، ولإنماء صناعي فعلي بعدما تهاوى هذا القطاع تحت تأثير عدم الحماية الوطنية، وهو الذي يشكل أحد أقانيم الاقتصاد الوطني ،بل سال لعاب المستوزرين من القوى السلطوية على هاتين الوزارتين بعدما تبيّن أن مؤتمر "سيدر الأخير أفرد حوالي 500 مليون دولار للبيئة و 300 مليون دولار للصناعة. وفي نظام كالنظام اللبناني يقوم على المحاصصة، وفي ظل إدارة مهترئة وينخرها الفساد، فإن هذه المبالغ وأن رصدت إلى هاتين الوزارتين، فإنها بطبيعة الحال لن تنفق وفق أوجه الصرف المحددة نظرياً على الورق بل سيذهب أكثرها إلى جيوب المقاولين والسماسرة والمنتفعين من كعكة الحكم أسوة بما هوحاصل في وزارات الأشغال والطاقة والاتصالات وغيرها. وبذلك كان التنافس والتقاتل على الوزارات الدسمة ليس بقصد النفع العام، بل بقصد النفع الخاص في بلد يتجه اقتصاده وخدماته إلى الخصخصة المتفلتة من كل رقيب وحسيب. أمام هذا الواقع السياسي الذي أدى إلى تفاقم الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والمعيشية، اصبح من الطبيعي أن ترتفع أصوات الاستنكار للأداء السياسي السلطوي، وأصبح من الطبيعي، أن تعبر الناس عن معاناتها والمها وظلامتها بأشكال مختلفة من التعبيرات، ومنها النزول إلى الشارع. هذا الحراك الشعبي الذي ينطلق تحت عناوين تلبية الحاجات الأولية الأساسية للأمن الحياتي، من طبابة وتعليم وماء وكهرباء، وسكن ومكافحة تلوث، بات يستقطب شرائح شعبية واسعة، نظراً لوحدة المعاناة التي يعيش تحت وطأتها اللبنانيون كافة والتي ليس لها هوية طائفية بعكس التشكل السياسي للقوى السلطوية بكافة أطيافها. وأن تنزل الناس إلى الشارع، فهذا أمر طبيعي، لكن النزول إلى الشارع لمجرد النزول للتعبير عن مشاعر الألم الاجتماعي لا يكفي، إذ يفترض أن يكون هذا النزول موجه سياسياً بالاتجاه الذي يخدم مصلحة الفئات الشعبية التي تعاني منذ امد وازدادت معاناتها بعدما تمادى الهدر في المال العام والنهب لمقدرات الدولة، وانعدام المعايير المحكومة بضوابطها القانونية في التوظيف وشغل المواقع العامة. من هان، فإن الحراك الشعبي وعلى أهميته، يجب أن يكون واضحاً بهوية القوى الداعية له، وواضحاً بالرؤية السياسية البرنامجية للإصلاح في حده الأدنى والتغيير في حده الأقصى، وواضحاً أيضاً في تحديد طبيعة القوى التي تمعن في نهب البلد ورهنه اقتصادياً وسياسياً. وبدون هذا الوضوح، فإن كل حراك يكون ملتبساً في هوية محركيه، وأبعاده السياسية يعطي نتائج عكسية، ولن يحقق النتائج المرجوة. صحيح أن النقمة الشعبية وصلت حد الانفعال الحاد، لكن الانفعال لا يؤدي لوحده إلى التثمير السياسي لحركة الضغط الشعبي بالاتجاه الإيجابي إذا بقي متفلتا من ضابطه السياسي، ولذا يجب ضبطه ضمن إطار الخطاب السياسي الوطني، كي يكون وسيلة الضغط الشارعية لتحقيق المطالبة الشعبية. وعلى هذا الأساس، إننا مع الحراك ضمن ضوابط الخطاب السياسي الوطني الواضح بقواه ومضمون مشروعه السياسي وعناوينه وهذا ما بقدر ما يؤدي إلى تحصين الحراك من اختراقات القوى السلطوية التي تندس فيه للالتفاف عليه وإجهاضه، فإنه يؤدي أيضاً إلى الحؤول دون توظيف ضغط هذا الحراك لتحسين المواقع السلطوية لهذا الفريق أو ذاك على حساب لقمة عيش المواطن وحقه بالعيش الحر الكريم.




الخميس١٩ ÑÈíÚ ÇáËÇäí ١٤٤٠ ۞۞۞ ٢٧ / ßÇäæä ÇáÇæá / ٢٠١٨


أفضل المقالات اليومية
المقال السابق طباعة المقال أحدث المقالات دليل المواقع تحميل المقال مراسلة الكاتب
أحدث المقالات المضافة
فؤاد الحاج - العالم يعيد هيكلة نفسه وتتغير توازناته فيما العرب تائهين بين الشرق والغرب
ميلاد عمر المزوغي - العراق والسير في ركب التطبيع
فؤاد الحاج - إلى متى سيبقى لبنان ومعه المنطقة في مهب الريح!
زامل عبد - سؤال مهم، هل المشتركات الايديولوجية بين جماعة الاخوان والصفويين الجدد انعكست في مظلومية غزة الصابرة المحتسبة لله؟- الحلقة الاخيرة
زامل عبد - سؤال مهم، هل المشتركات الايديولوجية بين جماعة الاخوان والصفويين الجدد انعكست في مظلومية غزة الصابرة المحتسبة لله؟ - الحلقة السادسة
مجلس عشائر العراق العربية في جنوب العراق - ãÌáÓ ÚÔÇÆÑ ÇáÚÑÇÞ ÇáÚÑÈíÉ Ýí ÌäæÈ ÇáÚÑÇÞ íåäÆ ÇáÔÚÈ ÇáÚÑÇÞí æÇáãÓáãíä ßÇÝÉ ÈãäÇÓÈÉ ÚíÏ ÇáÇÖÍì ÇáãÈÇÑß ÚÇã ١٤٤٥ åÌÑíÉ
مكتب الثقافة والإعلام القومي - برقية تهنئة إلى الرفيق المناضِل علي الرّيح السَنهوري الأمين العام المساعد و الرفاق أعضاء القيادة القومية
أ.د. مؤيد المحمودي - هل يعقل أن الطريق إلى فلسطين لا بد أن يمر من خلال مطاعم كنتاكي في بغداد؟!
زامل عبد - سؤال مهم، هل المشتركات الايديولوجية بين جماعة الاخوان والصفويين الجدد انعكست في مظلومية غزة الصابرة المحتسبة لله؟ الحلقة الخامسة
د. أبا الحكم - مرة أخرى وأخرى.. متى تنتهي كارثة الكهرباء في العراق؟!
زامل عبد - سؤال مهم، هل المشتركات الايديولوجية بين جماعة الإخوان والصفويين الجدد انعكست في مظلومية غزة الصابرة المحتسبة لله؟ ] - الحلقة الرابعة
القيادة العامة للقوات المسلحة - نعي الفريق الركن طالع خليل أرحيم الدوري
مكتب الثقافة والإعلام القومي - المنصة الشبابية / حرب المصطلحات التفتيتية للهوية العربية والقضية الفلسطينية ( الجزء السادس ) مصطلحات جغرافية وأخرى مشبوهة
الناطق الرسمي باسم حزب البعث العربي الاشتراكي - تصريح الناطق الرسمي باسم القيادة القومية لحزب البعث العربي الاشتراكي حول مزاعم ومغالطات خضير المرشدي في مقابلاته على اليوتيوب ( الرد الكامل )
مكتب الثقافة والإعلام القومي - مكتب الثقافة والإعلام القومي ينعي الرفيق المناضل المهندس سعيد المهدي سعيد، عضو قيادة تنظيمات إقليم كردفان