أوسًمت ألولايات المتحدة الامريكية معركتها لاحتلال العراق عام 2003 بالصدمة والرعب ( Shock and Awe ) وهي عقيدة عسكرية تقوم على استخدام القوة المفرطة والساحقة للسيطرة على العدو لتذهله وتدمر ارادته القتالية ، ورغم ادعاء امريكا دفاعها عن حقوق الانسان إلا انها لم تخجل من استراتيجيتها هذه التي اعتمدت على ايقاع اكبر عدد من الضحايا المدنيين وتدمير البنية التحتية ليكون عاملا حاسما للمعركة وهذا ما نصت عليه استراتيجية الصدمة والرعب التي اعتمدتها جامعة الدفاع القومي للولايات المتحدة الامريكية في عام 1996. ولكن اثبتت الاحداث فشل هذه الاستراتيجية في حسم الحرب لصالح امريكا رغم احتلال العراق لانها مبتورة الاوصال باغفالها مرحلة ما بعد الاحتلال تحت تاثير اوهام الكابوي الامريكي وسيناريوهات هوليود لعدم وضعها دراسة حقيقية لطبيعة الشعب العراقي الرافضة لذل الاحتلال . فسقط الجيش الامريكي تحت نار المقاومة التي انطلقت دون تأخير فاربكت حسابات البيت الاسود واذنابه في المنطقة . لم تكن الصدمة مقتصرة على العراقيين بل امتدت للعرب والعالم والقوى الاقليمية باستثناء ايران ، حيث ادعياء الحرية يحتلون بلد مستقل عٌرف بعراقة حضارته وعمق تاريخه معلم الحرف و مؤسس قـيم العدالة وعضو اصيل في الامم المتحدة . لذا عمدت قوات الاحتلال على استمرار مسلسل الرعب بالتعاون مع ايران لدفع البلاد نحو هاوية الاقتتال الطائفي وقتل العلماء وضباط الجيش ورجال الدولة من كبار الموظفين حينها وفر المحتل الامريكي البيئة الجنائية للمجرمين وجعل المليشيات اداة قتل للعراقيين . وجعل المجتمع بين قطبين بغطاء طائفي مورس القتل فيه بحجج مذهبية ضاربين عرض الحائط القيم المقدسة في الدين التي تحرم قتل الانسان ( ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما ) سورة النساء اية 93 . اراد المحتل الامريكي الايراني من القتل الطائفي اسقاط القيم والسلم الاجتماعي وتجذير الكراهية بين اطياف المجتمع العراقي . عندما فشل المحتلين في تحقيق الانقسام العمودي على اسُس طائفية زادت نقمتهم على الشعب لذا انتهجوا سياسة التنوع في القتل في تدمير مدن كاملة مثل صلاح الدين والموصل وديالى تحت ذريعة تنظيم ارهابي يهيمن عليها في الوقت الذي تركت الحكومة عن عمد المجال لهذا التنظيم ان يديم قوته ولم تتعرض او تعيق ذلك لسنتين وهذا وقت كاف لان يكون متحصنا ولا امكانية لخروجه الا بالتدمير الشامل لهذه المحافظات . بعد انهاء وجود التنظيم وتدمير المدن سقطت حجة حكومة الاحتلال ومبرراتها في تنفيذ متطلبات الشعب الرئيسية من خدمات وايجاد فرص عمل ومحاربة الفساد المستشري في جميع مؤسسات الدولة وغياب البرنامج التنموي وعجز الميزانية في تغطية اي مشروع خدمي او تنموي دفع بالحكومة للهروب من الاستحقاقات المفروضة عليها تجاه الشعب الذي ثار من البصرة والمثنى ومحافظات الجنوب والوسط فوضع الحكومة والعملية السياسية برمتها على المحك فتراكمت عليها المشاكل فلجائت الى مجابهة الاحتجاجات بالقوة والقتل والاعتقال بموافقة جميع اطراف العملية السياسية البائسة لانهم كانواعلى ابواب مرحلة تمرير نتائج الانتخابات الفاشلة والمزورة وتحسبا لتشكيل حكومة محاصصة طائفية بالضد من طموح ابناء الشعب العراقي ، لذا بـدأت بتنفيـذ مخطط اجرامي مدروس وهو القتـــل النــوعي . ان القتـل النـوعي من اخطر وسـائل الارهاب لانه يستهدف تـرويع المجتمـع باختياره نماذج اجتماعية معروفة لادراك القتلة قـوة التأثير السلبي والمباشر وكيفية وقع صدى الجريمة على المجتمع او شريحة منه عند تنفيذ هذه الجرائم ، فاقدمت المليشيات والمجموعات الارهابية على قتل اطباء التجميل في العراق باوقات متقاربة في بغداد والسليمانية والجنوب فثارت المخاوف والرعب في الوسط الطبي وشريحة المراجعين وقلق المجتمع الذي وضع علامات استفهام حول غايات هذا الاستهداف وما ان اخذت مداها في وسائل التواصل الاجتماعي والاعلامي لتبداء مرحلة استهداف ملكات جمال ومشهورات فعم الرعب والخوف والاضطراب النفسي جميع الطالبات بالاخص الجامعيات وعوائلهم . واستكملت جرائم القتل النوعي لتضم في ثناياها شباب لم يكملوا سن الرشد في المقاهي العامة واماكن تجمع الشباب وابرازها اعلاميا للوصول الى ارهاب المجتمع فاصبحت شوارع بغداد قبل حمرة الشمس فارغة وكانها مهجورة . اذ بعدها بقليل بدات حملة قتل الاطفال بنات وبنين باعمار الزهور . وليس غريبا ان يكون كل يوم خميس مسرحا للجريمة من اجل ترهيب المجتمع وانزوائــه . لقد حقق المجرمون ( مليشيات وعناصر ارهابية مدربة بالخارج ) عزل الشعب عن الوضع السياسي الشاذ الذي تمثل بموافقة المحكمة الاتحادية على مشروعية تزوير الانتخابات وبعدها مسرحية التوافق بين اطراف العملية السياسية في فرض رؤيتهم المخابراتية والاستمرار بالمحاصصة بالضد من التبجحات التي اعلنها فريق الاصلاح المخادع بعدم العودة لها ( رئيس برلمان سني،رئيس مجمهورية كردي ورئيس حكومة شيعي ) . ناهيك عن رغبة المحتل الايراني ومليشياته ان يعيش المجتمع حالة رعب مستديمة وتعميق الخوف لينتج انكسارا نفسيا وحال اكتئاب مجتمعية مما تؤدي الى ارباك و خوف تؤثر على فئات المجتمع العراقي الذي سيؤدي بقبول ايران واذنابها بالتسلط الدائم على العراق ومقدراته دون رفض او احتجاج . ان المجتمع العراقي لم يشعر بالامن منذ الاحتلال لكنه يقاوم من اجل وجوده رغم كل انواع الارهاب الذي يمارس عليه من قبل الاحتلال الامريكي الايراني و المليشيات والمجاميع الارهابية التي دربها المحتل قبل 2003 والتي مارست الخطف والقتل ضد خيرة ابناء العراق . كل هذا يتطلب تظافر الجهود الخيرة للقوى الوطنية المناهضة للعملية السياسية ان تأخذ على عاتقها بايصال صوت الشعب وفضح هذه الجرائم الى المنظمات الدولية ، والعمل الجاد لانهاء معاناة شعب العراق التي فاقت حدود المعقول .